المقالات

وأخيراً.. أُسدل ستار الرحيل..

وأخيراً.. أُسدل ستار الرحيل..

بقلم : حمدان بن سلمان الغامدي @hsasmg1

ماذا نقولُ وقد أصابُنا الجللُ.. بقدّرِ الله.. إليهِ نبتهلُ.. فحمدُ الله بالأقدار سُنتنا.. وشكرُ الله والإيمانُ منهجنا..

هكذا رحل والدي بعد أن اختاره اللهُ إليهِ مؤمنين بقضاء الله وقدره .. صابرين ومحتسبين ذلك عند الله مالك الملك ذو الفضل العظيم..
تلقيت خبر وفاة والدي رحمه الله بطريقةِ عجيبةِ(هادئةِ) عندما هاتفني شقيقي الدكتور محمد يطلب مني ضرورة الذهاب لزيارة والدي في مدينة الباحة لأن حالتهُ أصبحت أكثر صعوبة .. أغلقتُ هاتفي ولم أستوعب ان مثل هذا الإتصال في هذه الساعة الباكرة السادسة صباحاً تقول بأن والدي قد إنتقل إلى الرفيق الأعلى.. عاود أخي وصديقي وشقيقي الدكتور محمد الإتصال وكنت أعتقد بأن لديه تساؤل أو أي امرِ آخر ولكنه اسمعني الخبر الأليم بأن الوالد قد إنتقل إلى رحمة الله وأحسن الله عزاءنا وعزاءك والحمد لله على كل حال ..
لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .. اللهم أرحم والدي وأغفر له وأسكنه فسيح جناتك ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. 

من هنا بدأت مرحلة من شريط الذكريات مع الراحل والدي الذي كان يسأل ويتابع ويهتم ويتكبد المسافات من أجل أسرة كريمة وعائلة صالحة وأبناء مميزين.. استعرضت ملف التربية والتنشئة العفوية بعيداً عن التكلف والتصنع والرياء والسمعة.. استعرضت ملف التعليم وصباحات النسيم الطويلة ومساءات الغرام العليلة التي رافقناه فيها إثنا عشر عاماً.. تليها مرحلة أخرى من التعليم الجامعي لحظة بلحظة حتى وإن أصبحنا في مواقع ومدن أخرى.. استعرضت ملفات العلاقات والوصال والمحبة والتقدير والإحترام مع نفسه والآخرين .. وتمعنت في تفاصيل الصفاء والنقاء .. استعرضت ملفات المتابعة بالسؤال والجواب والتعرف على تفاصيل مرحلة الحياة الخاصة لكل ما يهمه من حوله مع الأبناء والأقارب والمحبين ..
إنتقل شريط الذكريات لكل المواسين والمعزين والمتصلين بالدعاء للراحل وإستعراض مواقفه ومناقبه وابتسامته العريضه مع الصغير قبل الكبير مع البعيد قبل القريب .. وقد أثارت هذا المواقف حفيظتنا كأبناءه وأصبح لدينا الرغبة في التعرف على جانب مهم من جوانبه الجميلة التي تركت أثراً طيباً في نفوسنا بمحبة الناس ومواساتنا بهذا الإرث الإنساني العظيم ..
كان والدي حريصُ جداً على زيارة رفقاء دربه الذين يكبرونه أو يصغرونه وكان يشعرهم بالقوة والتحدي .. فنقاشهم وحديثم وحوارهم (أجمل) من يدونه كتاب أو يختزله مقال ..
العفوية والمحبة عنوان والتقدير والإحترام إطار مصنوع من ذهب.. هكذا كان بعضاً من والدي الذي صعب رحيله عليّ كتابة الأسطر البسيطة أو الكلمات المتواضعة في حقه أو المفردات التي تصف جمال حياته من البداية إلى النهاية .. لقد صعب والدي المهمة علينا في مواصلة مشواره الفخم .. فقد وصل للقمة بالمحبة والكرم والشجاعة والفروسية ومحبة الناس وخدمتهم .. لقد صعب علينا المهمة في الوصول لما قدم من عادات وتقاليد سامية يدركها الأجيال والأجداد والأباء.. والدي بإختصار هو مجموعة إنسان في حياته وأرجو الله ذلك بعد مماته.. اللهم أرحم عبدك سلمان بن عبدالله وأغفر له وأسكنه فسيح جناتك وإنا لله وإنا إليه راجعون.. وفي الفردوس الأعلى من الجنة نرجو الله أن نلقاك.. وداعاً فقد أُسدل الستار على قلبك وجفونك ومحياك..