الرياض - أحمد الخبراني
حقّق مسلسل الضارية حضورًا لافتًا في المشهد الدرامي السعودي، ليس فقط بسبب قصته وتشويق أحداثه، بل لأنه أعاد تقديم الممثل الجازاني بصورة مختلفة تمامًا عمّا اعتاد عليه الجمهور. لسنوات، انحصرت أدوار أبناء جازان في شخصيات هزلية، ضعيفة، أو غير متزنة، وهي نماذج لم تكن تمثل الواقع ولا تعكس ثقافة المنطقة. لكن الضارية قلب المعادلة، وقدّم كشخصية ناضجة، واثقة، وقادرة على حمل الدور بمهارة ووعي.

ومن أبرز ما أثار الجدل حول المسلسل هو مسألة اللهجة. كثيرون انتقدوا عدم مطابقة اللهجة الجازانية بشكل كامل، لكن ما غاب عنهم أن هذا التوجه لم يكن نقصًا في الإتقان، بل ذكاءً من صنّاع العمل. فقد حرصوا على تطعيم المسلسل ببعض المفردات الجازانية الأصيلة، دون جعله عملًا مغلقًا بلغة قد لا يفهمها إلا أبناء المنطقة. هذا التوازن منح الضارية قدرة على الوصول إلى شريحة أوسع من المشاهدين في المملكة والخليج، وضمن للمسلسل انتشارًا أكبر، وصدى أوسع.
أما الانتقاد الآخر حول ظهور بعض الشخصيات التي تمارس التهريب، فقد جاء في غير محلّه؛ فالمسلسل لم يصوّر أبناء المنطقة كمهربين، بل تناول قضية موجودة فعلًا على الحدود، وقدمها ضمن سياق درامي طبيعي. وفي المقابل، أبرز العمل الوجه الآخر الأصدق للإنسان الجازاني، كابن الأرض الذي يحمل قيَم الشجاعة والكرامة والانتماء. ويكفي أن شخصية الضابط تركي—وهو ابن الضارية—قدّمت نموذجًا مشرفًا الذي يقف في الصف الأول دفاعًا عن وطنه.

وبهذا الإنجاز، يثبت المسلسل أن الدراما السعودية قادرة على تجاوز القوالب القديمة، وصناعة أعمال تنصف الإنسان والمكان… وتصل إلى جمهورها بثقة أكبر وصوت أعلى
(0) التعليقات
تسجيل الدخول
لا توجد تعليقات