
الرياض -أقلام الخبر
يشهد قطاع المياه في المملكة، تحولًا إستراتيجيًا نوعيًا في منظومات الإنتاج، يتمثل في الانتقال التدريجي من التقنيات الحرارية عالية الاستهلاك للطاقة، إلى اعتماد تقنية التناضح العكسي (RO) الأكثر كفاءة وصداقة للبيئة، من خلال إسهامها في خفض الانبعاثات الكربونية، إذ لا يقتصر هذا التحول على مواكبة التكنولوجيا فقط، بل يشكل ركيزة أساسية لرفع موثوقية الإمداد المائي، وتعزيز كفاءة التشغيل، وخفض الانبعاثات والتكاليف، لتحقيق الكفاءة التشغيلية والمالية، بما يتماشى مع مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للمياه ورؤية المملكة (2030).
وتجسّد هذا التوجه، من خلال سلسلة من المشاريع النوعية، التي تعكس التزام المملكة بالتحول نحو تقنيات مستدامة، والتي أسهمت في تقليل الاعتماد على الوقود المستخدم في المحطات، محققةً وفورات مالية وبيئية لافتة، حيث أسهمت محطة الشعيبة -المرحلة الثانية- في خفض (4.0) ملايين طن من الانبعاثات سنويًا، وينبع -المرحلة الثالثة- (4.5) ملايين طن، والشقيق -المرحلة الأولى -(1.2) مليون طن، والشعيبة -المرحلة الأولى- (2.3) مليون طن، والجبيل -المرحلة الأولى- (2.0) مليون طن، والجبيل -المرحلة الثانية- (8.5) ملايين طن، إلى جانب الخبر المرحلة الثانية التي أسهمت في خفض (4.2) ملايين طن سنويًا.
وفي هذا السياق، جاء تحويل محطة الشعيبة (3) من تقنية التبخر الوميضي، إلى تقنية التناضح العكسي، بسعة إنتاجية تبلغ (600) ألف متر مكعب من المياه المحلاة يوميًا، ليخدم منطقة مكة المكرمة، ويُعد هذا التحول خطوة نوعية تعكس توجه القطاع، نحو الاعتماد على التقنيات الحديثة، وتسهم في تلبية الطلب المتزايد على المياه في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بكفاءة أعلى.
ويشكّل المشروع نقلة نوعية، كونه يخدم مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، حيث ستسهم عملية التحويل في تعزيز الاعتمادية والموثوقية، في توريد المياه للمنطقة، كما ستؤدي هذه العملية إلى تقليل استهلاك الوقود المستخدم في تشغيل المحطة الحالية، والإسهام في خفض الانبعاثات الكربونية، بما يعكس التزام المنظومة بالكفاءة التشغيلية والاستدامة البيئية.
ونجحت الشركة السعودية لشراكات المياه وشركائها من القطاع الخاص، المكون من شركة أكوا باور وشركة الحاج عبدالله على رضا وشركاه وشركة بديل في التشغيل التجاري في أبريل (2025)، وذلك قبل الوقت المحدد، بـ (50) يومًا.
ويشكل هذا التحول إنجازًا وطنيًا بارزًا، إذ حقق المشروع، وفورات ضخمة في استهلاك الوقود تصل إلى (60) ألف برميل مكافئ يوميًا، وأسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية بما يعادل (9.7) ملايين طن سنويًا، الأمر الذي يسهم في فوائد اقتصادية ومالية وفنية وبيئية، تتمثل في توفير الوقود المستهلك حاليًا، لتشغيل المحطة الحالية، حيث سيتم توفير ما يزيد عن (22) مليون برميل سنويًا من النفط الخام الخفيف، وتسهم كذلك في خفض نسبة الإنبعاثات الكربونية، إلى صفر إنبعاث كربوني، لكون المحطة الجديدة تعمل بتقنية صديقة للبيئة، كما يتضمن وحدات طاقة شمسية، تشكل أكثر من (45%) من الاحتياج لتقليل استهلاك الكهرباء من الشبكة، إضافة إلى زيادة الاعتمادية والموثوقية لتوريد المياه لمنطقة مكة المكرمة و المشاعر المقدسة.
يُذكر أن محطة الجبيل (1) شهدت في عام (2021) أول رحلة للتحول التقني في قطاع المياه، من التقنية الحرارية إلى التناضح العكسي تحقيقا للكفاءة والاستدامة، وذلك عن طريق "تحلية المياه"، الذراع التشغيلي المرحلي للهيئة السعودية للمياه.
لتأتي بعدها رحلة جهود في تحول التقنيات، تأكيدًا على أن قطاع المياه بالمملكة، يقود مسارًا متسارعًا في تطوير منظومة الإنتاج والتشغيل، من خلال تبني أحدث التقنيات المبتكرة وبناء شراكات إستراتيجية، بما يعزز مكانته محركًا رئيسيًا للاستدامة المستقبلية.
ويقدم هذا المشروع، أنموذجًا للتكامل الناجح مع القطاع الخاص، في إدارة سلسلة الإمداد وتشغيل منظومات الإنتاج، نحو مشاريع مبتكرة وتقنيات متقدمة تعزز استدامة قطاع المياه بالمملكة.
(0) التعليقات
تسجيل الدخول
لا توجد تعليقات