المقالات

بالأمــس ناقــد.. والـيوم ممــارس!

بالأمــس ناقــد.. والـيوم ممــارس!

في عالم الصحافة، لا شيء يثير الجدل أكثر من صحفيٍ كان بالأمس سيفًا مسلطًا على الأخطاء، ثم أصبح اليوم جزءًا منها. يصرخ عاليًا ضد التجاوزات، لكنه حين تتغير الظروف، يفعل ما كان يستنكره بحماسة، وكأن المبادئ كانت مجرد شعارات مؤقتة!

 

لطالما اعتبر أحد الصحفيين نفسه حارسًا لأخلاقيات المهنة، وكان يهاجم بشراسة من يضع اسمه على الأخبار الصادرة من جهات العلاقات العامة (PR)، واصفًا ذلك بأنه “خيانة مهنية”. لم يوفر فرصة إلا وشنّ هجومه على زملائه الذين يسطرون أسماءهم على بيانات صحفية لم يحرروها.

 

لكن الزمن دار، والأيام تغيرت، وها هو اليوم يفعل ما كان يصفه بـ”العيب المهني”! اسمه يزين أخبارًا لم يكتب منها حرفًا، متصدرًا المشهد بنفس الطريقة التي كان يهاجمها بالأمس. فهل كان نقده السابق حرصًا على المهنة، أم مجرد استعراض زائل؟

 

الصحافة ليست مجرد كلمات تُقال، بل التزام يُمارس. وحين يتحول الناقد إلى ممارس لنفس الأخطاء، فإنه يفقد أهم ما يملكه الصحفي الحقيقي: المصداقية. قد يبرر ذلك بتغير الظروف وضغوط العمل، لكن الحقيقة الواضحة أن المبادئ لا تتبدل، بل تكشفها المواقف.

 

التكيف مع الواقع لا يعني التخلي عن القيم، بل يعني تطوير أساليب العمل دون المساس بالثوابت. أما من يهاجم سلوكًا ما ثم يتبناه لاحقًا، فهو يقدم درسًا مجانيًا في ازدواجية المعايير، ويخسر احترام زملائه وثقة الجمهور، وهو أخطر ما يمكن أن يحدث للصحفي.

 

أخيراً : الصحافة تحتاج لمن يلتزمون بمواقفهم، لا لمن يتغيرون مع المصالح والضغوط، وكما يقول المثل: “من كان بالأمس جلادًا، لا يحق له اليوم أن يشكو السياط!”.

 

✍🏼 الكاتب / أحمد الخبراني