
تواجه وزارة التعليم سنويًا في شهر رمضان مشكلة ارتفاع معدلات غياب الطلاب، ورغم أن هذه الظاهرة متكررة ومعروفة، إلا أن الوزارة لم تستطع حتى الآن تقديم حلول جاذبة تحفّز الطلاب على الحضور، بل لجأت هذا العام إلى حل ارتجالي مثير للجدل يتمثل في إجراء اختبارات مفاجئة في الأسبوع الأخير من رمضان، في محاولة لفرض الانضباط بالقوة بدلاً من خلق بيئة تعليمية تجعل الحضور خيارًا طبيعيًا وليس التزامًا قسريًا.
يبدو أن الوزارة تتعامل مع الغياب كظاهرة طارئة تستوجب العقاب، متناسية أن التعليم عملية متكاملة لا تقوم على الإجبار، بل على توفير ظروف مناسبة للطلاب تراعي احتياجاتهم النفسية والصحية، خاصة في شهر الصيام. فبدلاً من أن تُكيف اليوم الدراسي ليكون أكثر مرونة، أو تعتمد أساليب تدريس حديثة تفاعلية، اختارت الطريق الأسهل وهو اللجوء إلى الترهيب عبر الاختبارات المفاجئة، وكأنها تسعى لإجبار الطلاب على الحضور بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب جودة العملية التعليمية نفسها.
الواقع أن بيئة الدراسة في رمضان لا تزال بعيدة عن التحفيز، فالجدول الدراسي الطويل مع ساعات الصيام، وانعدام الأنشطة التفاعلية، والضغط الأكاديمي، كلها عوامل تجعل الغياب خيارًا مفضلًا لدى كثير من الطلاب. ولو كانت الوزارة قد درست المشكلة بعمق، لأدركت أن الحل لا يكمن في فرض الاختبارات كعقوبة، بل في إعادة النظر في شكل اليوم الدراسي برمته، بحيث يصبح أكثر توافقًا مع طبيعة الشهر الكريم، من خلال تقليل عدد الساعات الدراسية، وإتاحة خيار التعلم عن بعد، واستخدام أساليب تدريس مبتكرة تجعل الحضور تجربة مرغوبة وليست مفروضة.
المفارقة أن الوزارة، رغم خبرتها الطويلة، لا تزال تكرر نفس الأخطاء كل عام، وكأنها تفاجأ مجددًا بمشكلة الغياب، فتلجأ إلى حلول قصيرة المدى لا تعالج أصل المشكلة، بل تزيد من نفور الطلاب وتجعلهم يشعرون بأن المدرسة مجرد بيئة عقابية لا تراعي ظروفهم. وإذا استمر هذا التفكير في خطط التعليم، فإننا سنجد أنفسنا العام المقبل أمام نفس الأزمة وربما أمام قرارات أكثر ارتباكًا، ما لم تتغير منهجية الوزارة من الإجبار إلى التحفيز، ومن الترهيب إلى التكيف مع احتياجات الطلاب.
✍🏼 أحمد الخبراني
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات