المقالات

رسائل الورد

رسائل الورد

نرى كمًا هائلًا من الدعايات التي تروج للورد كهدية، فيما يعتقد البعض أنّه غير مفيد أو مضيعة للمال، باعتبار أنه سرعان مايذبل وينتهي عمره ويلقى في الحاوية، إلا أنّ بعض النساء يأبين أن يتنازلن عن رمزية الورد ويعتبرن الحصول عليه أمرًا لابد منه، بل يغضبن عند عدم تلقيهن له في المناسبات السعيدة، فلماذا كل ذلك الاحتفاء بتلك النبتة الصغيرة؟ بلا شك، لقد اقتحم الورد أعذب الأشعار وشدى بحسنه الكثيرون على مر الأزمان، بل خصص له بعض الأدباء من نتاجهم نصيبًا جيدًا، إنّ الورد من أساس تكوينه ينبت ضمن مجموعة وكل وردة لها جمالها وسحرها الخاص بها، وعند انفصال الوردة عن تلك المجموعة تبقى ذات قيمة وجمال بغض النظر عن محيطها الذي ستوضع فيه، أيضًا، تمثيلها لمعيار "الجمال الصامت" و"الجمال الكلاسيكي" وذلك مايخفق فيه عصرنا الحديث مع بزوغ التقليعات والموضة كل يوم وتعمد المبالغة في المظهر والتزييف، فتأتي تلك النبتة كرسالة من الماضي لتذكرنا بما كان، قد تتعدد المفاهيم والانعكاسات المنوطة بالورد، إلا أن أهم مفهوم أعتد به هو تمثيل "الحاضر"، نعم، الورد سيذبل ويموت في المستقبل وكلنا نعي هذا الأمر، وبالرغم من ذلك سنبتاعه مرارًا وتكرارًا! ببساطة، إن الورد يجعلك تعيش في الحاضر وتصب تركيزك عليه، فما أهمية الحياة إذا داهمنا الماضي وحاصرنا ريب المستقبل؟ الورد ينتزعك من تلك الأزمنة البعيدة ويعيدك إلى اللحظة الأهم وينبهك لنفسك ولغيرك من الأهل والأصدقاء والأحباب، عبر تجسيده معاني العطاء المتوازن، بين بهجة وأيام عطرة مقابل الماء والضياء، وفي حال ذبل ورحل سيقف مجسدًا أجمل الذكريات التي كان مفعمًا بها، أخيرًا، قد تمتد المزايا والأبعاد ولايسعني المقام والمقال لسردها جميعًا.

 

"صبح صباح الخير من غير ما يتكلم

ولما غنى الطير ضحك لنا وسلم

بيطمن الحيران .. وردك  يا زارع الورد

على الجمال سلطان .. وردك يا زارع الورد" -طلال مداح

✍🏼سهوب بغدادي