الرياض -أقلام الخبر
أكّد معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان أن حكومة المملكة مستمرة في الانفاق التوسعي خلال ميزانية 2026، منوهًا بأهمية الاستقرار والتخطيط على المدى المتوسط، مبينًا أن الإنفاق الإجمالي متوقع أن يبلغ تريليونًا و313 في عام 2026، وسيصل إلى تريليون و419 تقريبًا في عام 2028، كما يتوقع نمو الإيرادات مدعومة بنمو متسارع.
وقال معاليه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس، بمناسبة إقرار الميزانية العامة للدولة للعام المالي (1447 / 1448هـ) 2026م، :" بالرغم من كل الإنفاق على الإستراتيجيات والمشاريع الكبرى إلا أن الحكومة لا تزال تركز على الخدمات الأساسية وتحسينها بما يحسن الخدمات المقدمة للمواطنين ومنها التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية، والخدمات البلدية لتصل إلى 533 مليار ريال في عام 2026"، مبينًا أن مرحلة تعظيم الأثر ستبدأ بإذن الله تعالى بداية العام القادم، وستتطلب الكثير من العمل سواء على مستوى الحكومة أو على مستوى القطاع الخاص.
وأوضح معالي وزير المالية أن تصريح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية - حفظه الله - بمناسبة إقرار الميزانية، تناول بوضوح ما تم وأنجز خلال السنوات العشر الماضية في رحلة رؤية المملكة 2030، واهتمام الحكومة بالمواطن، وعن المستقبل والمرحلة الثالثة من مراحل رؤية المملكة 2030.
وتحدث معالي وزير المالية عن ثلاث عناصر الأولى نبذة مختصرة عن رؤية المملكة 2030، ثم عن ما تم في 2025، وأيضًا عن أرقام 2026 بما في ذلك المالية والاقتصادية.
وبين الأستاذ الجدعان أن 93% من مؤشرات الأداء المستهدفة لروية المملكة 2030 تحققت أو تسير ضمن المسار الصحيح، و85% من المبادرات التي أنجزت أو في المسار الصحيح، مشيرًا إلى تحقيق 299 مؤشرًا من مؤشرات الرؤية مستهدفاتها قبل عام 2030.
وتطرق معاليه عن المرحلة التالية التي ستبدأ فيها بإذن الله من العام القادم وهي مرحلة تعظيم الأثر والاستعداد لما بعد 2030، متناولًا أرقام ميزانية 2025 التي انتهت بنفقات تقدر بتريليون و336 مليارًا، وإيرادات تقدر تقريبًا بتريليون و91 مليارًا وعجز يقدر تقريبًا 245.
وقال الجدعان: "تحدثت العام الماضي وسأكرر باختصار أن العجز في الميزانية يختلف بحسب استخداماته، فبالنسبة لنا في المملكة العربية السعودية في هذه الفترة المرحلة والسنوات السابقة كان العجز عجز إستراتيجي مستهدف، وعجز مبني على سياسة حكومية قدّرت أن باستطاعة اقتصاد المملكة وقوتها المالية أن تنفق لتحقيق إنجازات، لتحقيق مشاريع، لتحقيق إستراتيجيات حتى لو اضطرينا إلى الاقتراض، الهدف هو أن يكون هذا الاقتراض الـ 245 مليارًا يحقق عائد أعلى من تكلفته، وهذا ما يحصل في المملكة، النمو اليوم في الاقتصاد وبالذات في الاقتصاد غير النفطي متوسطه 5% في آخر أربع خمس سنوات الماضية، وهذا النمو الحالي في أغلب النفقات اللي ننفقها الآن سيأتي مردودها بعد سنوات وليس الآن، وبالتالي قد يكون من الجيد أن نستمر وهذا الذي سنستمر عليه بإذن الله في أعوام 2026 و 2027 و 2028، في زيادة الإنفاق طالما أن العائد على هذا الإنفاق بإذن الله أعلى من تكلفة الاقتراض.
وعرّج على ما ذكره سمو ولي العهد أن الهدف الأساسي هو المواطن والدعم الذي يلقاه المواطن وهذه أمثلة بسيطة جدًا من الدعم الاجتماعي المقدم في ميزانية 2025، موضحًا أن ركيزة عمل الحكومة هي المواطن والمواطنة وماذا ينفعهم مباشرة أو ماذا ينفعهم بطريقة غير مباشرة في مشاريع وإستراتيجيات توفر فرص عمل لأبنائنا وبناتنا وتحقق الأمن والاستقرار والسلام والرخاء.
وقال معاليه:" إن التحولات الهيكلية في الاقتصاد التي حدثت منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 يصعب تحقيقها عادة في اقتصادات لفترة قصيرة منذ انطلاق الرؤية، سواء فيما يتعلق بالاستثمار الخاص كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أن يتغير بنسبة تقريبًا 40% خلال فترة أقل من ثمان سنوات منذ انطلاق التنفيذ الفعلي لبرامج الرؤية، من الصعب جدًا أن تحرك نسبة الاستثمار الخاص في الناتج المحلي بنسبة 40% في هذه الفترة، لكنها تحققت في المملكة، ويدل على ثقة كبيرة جدًا من المستثمرين في الاقتصاد السعودي"، مشيرًا إلى أن مساهمة الأنشطة غير النفطية، ملفتة ونموها والمستوى الذي وصلت إليه المملكة تاريخي ببلوغها 55.4% متوقعًا تحقيق مستهدف 2030 بنهاية 2030 أو قبل ذلك.
وأفاد معالي وزير المالية أن الفائض في الميزان التجاري لقطاع السياحة يستمر بنفس الزخم وبزيادة، مفيدًا أن أرقام منتصف عام 2025 أعلى من أرقام منتصف عام 2024، وبالتالي يتحول العجز في الميزانية إلى فائض وهذا إنجاز يصعب تحقيقه في فترة قصيرة.
وتناول معاليه زيادة عدد المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المملكة، التي بلغت تقريبًا 500 ألف منشأة قبل عدة سنوات، ووصلت حاليًا مليونًا و700 ألف منشأة حاليًا، وهذا يعني توفير مليون و 200 ألف فرصة عمل تم إطلاقها وإنشاؤها من خلال رؤية المملكة 2030، مشيرًا إلى أن رحلة السنوات الخمس القادمة سيكون التركيز على استمرار نمو جميع القطاعات، مستعرضًا القفزات التي حققتها المملكة دوليًا في مجال الذكاء الاصطناعي ومجال التقنية بما في ذلك التقنية الحكومية.
وتوقع معالي وزير المالية استمرار تزايد نمو الإيرادات من خلال نمو الاقتصاد، مؤكدًا سعي الحكومة في تنمية إيراداتها من خلال تنمية الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص، إذا تم تمكين القطاع الخاص والمستثمرين وريادي الأعمال، مفيدًا أنه في حال نمو الاقتصاد زادت الإيرادات غير النفطية، مفيدًا أن وكالات التصنيف الدولية أكدت نفس توجه حكومة المملكة بالرغم من زيادة الدين والعجز، إلا أن الوكالات إما أن تؤكد تصنيف المملكة أو رفعت التصنيف خلال العام.
كما توقع معاليه أن نهاية هذا العام 2025 سينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4.4%، وسيتنامى الناتج المحلي الإجمالي الأسمى ليصل إلى 5.6 تريليونات ريال بحلول عام 2028، مؤكدًا استمرار عمل الحكومة في التعامل والحد من التضخم، مفيدًا أن أرقام المملكة الأقل على المستوى الدولي في نسب التضخم.
وأجاب معالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان على أسئلة الصحفيين، متناولاً تقييم العجز والعائد في الاقتصادات الوطنية، وأنها لا تقتصر على العائد المالي المباشر، لافتًا الانتباه إلى نمو الإيرادات غير النفطية خلال الأعوام الثلاثة الماضية وهي من العوائد المهمة لكن ليست من العوائد الأساسية، مبينًا أن العوائد الاقتصادية تشمل تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار و توفر فرص عمل للمواطنين والمواطنات، وترفع جودة الحياة، وتعزز جاذبية المملكة للسياح والزوار، ما يسهم في تنشيط القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وأفاد أن العوائد يتحقق بعضها بشكل سريع وبعضها خلال سنوات طويلة، لاسيما في مشاريع البنى التحتية التي قد تمتد إلى سنوات، كالطرق والمطارات والسكك الحديدية، مؤكدًا أن بعض المراحل قد تظهر فيها عوائد سلبية مؤقتة نتيجة استيراد المعدات والمواد، إلا أن المكاسب الحقيقية تتجلى على مدى سنوات وعقود لاحقة.
وأكد أن المملكة لم تصل بعد إلى مرحلة الاستدامة الكاملة، لكون الإيرادات الحكومية لا تزال تتأثر بأسعار النفط، مشددًا أن مستوى الاستدامة على المدى الطويل يأتي مع تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأوضح معاليه أن رؤية المملكة 2030 لم تأتي لتجعل المملكة لا تعتمد على النفط، مشيرًا إلى أن النفط عنصر مهم جدًا وثروة وطنية كبرى ستستمر لسنوات وعقود قادمة، ويتم استخدامها في بناء اقتصاد متين يحقق إيرادات غير نفطية تغطي أكبر قدر ممكن إن لم يكن الكل من الميزانية وتستثمر الباقي سواء من إيرادات غير النفطية أو إيرادات نفطية على المدى الطويل للأجيال القادمة.
وتحدث معاليه حول مرحلة الاستدامة، وما حققه صندوق الاستثمارات العامة من نمو كبير خلال السنوات الماضية؛ إذ بلغ النمو من 150 مليارًا إلى أكثر من 800 مليار خلال فترة قصيرة جدًا، وهو إنجاز كبير، مؤكدًا عدم توزيع الصندوق أرباحًا على الحكومة، مبينًا أن الهدف هو الاستثمار طويل المدى للأجيال القادمة، وأن بالإمكان نظريًا تقليل القروض من خلال طلب التوزيعات، لكن هذا لا ينسجم مع هدف الاستدامة.
وحول الإيرادات الضريبية، قال معاليه:" جميع الإيرادات الحكومية - باستثناء رسوم الأراضي البيضاء - تودع في حساب الخزينة الموحد بوزارة المالية دون استثناء، ثم تُعاد الإيرادات المخصصة إلى حساباتها المحددة، ضاربًا مثلًا بإيرادات الزكاة التي تصل إلى حساب الخزينة ثم تُحوّل لاحقًا إلى حسابات مخصصة مثل الضمان الاجتماعي بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ويتم تغطية أي فروقات من الحكومة إضافة إلى إيرادات الزكاة، أما إيرادات رسوم الأراضي البيضاء فتُوجه إلى تطوير قطاع الإسكان وتوفير منتجات ودعم للمواطنين والمواطنات".
وفيما يتعلق بالإنفاق على الصحة والتعليم، أشار معاليه إلى أن الإنفاق يفوق 460 مليار ريال في العام القادم، مؤكدًا أن ذلك لا يتعارض مع التخصيص، في حين تخصيص منشأة مثل المستشفى، فإن ذلك يعني نقل أصل كان يقدم خدمات مجانية للمواطنين إلى القطاع الخاص، مما يستلزم وضع ميزانية لشراء الخدمة من هذا المستشفى لصالح المواطنين.
وفي سؤال حول هيكلة المشاريع، أكد أنه عند التخطيط لفترة تمتد 15 عامًا يجب أن تكون هناك جاهزية للتفاعل مع جميع المتغيرات خلال تلك المدة، مما يعني إمكانية تقليص مشروع أو زيادة آخر وفق الحاجة والتطورات.
(0) التعليقات
تسجيل الدخول
لا توجد تعليقات