منوعات

خمسة رجال… وذكرى لا تُنسى من مكة الطاهرة

خمسة رجال… وذكرى لا تُنسى من مكة الطاهرة

في قلب مكة المكرمة، حيث تتعانق الأرواح الطاهرة مع النفحات الإيمانية، جمعنا القدر في موسمٍ عظيم، وفي مهمة شريفة، لا تُشبه سواها. لم يكن انتداب الحج بالنسبة لنا مجرّد عملٍ مؤقت أو واجبٍ وظيفي، بل كان تجربة إنسانية وروحية استثنائية، بدأت بخمسة رجال، واكتملت بخمسة إخوة.

 

كنا معًا، نعمل ونعيش تحت سقفٍ واحد، تتقاسم قلوبنا النوايا الطيبة، وتتناوب أيدينا على بذل الجهد لخدمة ضيوف الرحمن. هم:

إبراهيم بن محمد الضويحي، بروحه الهادئة وابتسامته التي لا تفارقه، كان رمزًا للاتزان والحكمة، يُنصت للجميع ويختار كلماته كما يُختار الدر من بين الحصى.

وتركي بن عبدالله بن باز، بقلبه الكبير وروحه الخفيفة، يدخل القلوب بلا استئذان، لا يكلّ عن المساعدة، ولا يتردد عن المبادرة، شعلة من النشاط لا تنطفئ.

أما الدكتور ناصر بن محمد العتيبي، فقد كان موسوعة علمية تمشي على الأرض، يجمع بين التخصص والمهنية، وبين التواضع والروح الأخوية، حريص على الدقة والعدل.

والدكتور ناصر بن محمد الدوسري، رجل لا تُخطئه العيون، مزيج من الانضباط والروح المرحة، يوازن بين الجدّ والفكاهة، ويملك من الحنكة ما يجعل الجميع يثق برأيه.

ثم محمد بن سليمان الأسود، الصديق الوفي، وصاحب القلب النقي، لا يتردد في مدّ يد العون، ويُشعرك دومًا أنك لست وحدك، صامت أحيانًا، لكن حضوره يملأ المكان.

 

في المساء، بعد عناء اليوم، كنا نعود إلى مقر سكننا الواحد، لا نفرق بيننا في شيء. نتحلّق حول الشاي والقهوة، نتبادل القصص والضحكات، نراجع ما أنجزناه، ونتشارك هموم العمل ومواقف الحجاج التي لا تُنسى. كانت الأيام تمضي بسرعة، لكنها كانت تترك في القلب أثرًا لا يُمحى.

 

من خلال هذا الانتداب، لم نكن مجرد زملاء، بل أصبحنا إخوة. كلّ واحدٍ منّا تعرّف على الآخر عن قرب، لا من خلال بطاقات العمل أو المناصب، بل من خلال المواقف، والتعب، والتكاتف.

 

لقد غادرنا مكة بعد انتهاء المهمة، لكن مكة لم تغادر قلوبنا، كما لم تغادر هذه الأخوة أرواحنا. كانت تجربة ستظل حية في الذاكرة، تنبض بالعرفان، وتُروى دومًا بفخر.

 

هؤلاء هم أصدقائي الخمسة، رفاق العمل والموقف والنية الطيبة… وللأخوة في الله طعم لا يُشبهه شيء .

✍🏼الرياض - سلطان الشايقي