منوعات

النكران والخذلان: خيبة القلب وألم الروح

النكران والخذلان: خيبة القلب وألم الروح

في مسيرة الحياة، لا شيء يؤلم الإنسان بقدر أن يُقابل الوفاء بالنكران، أو أن يُجزى الإخلاص بالخذلان. فهما، وإن اختلفت صورتهما، يحملان ذات الطعن في القلب: حين تنتظر التقدير، وتُفاجأ بالجحود، حين تفتح قلبك، وتُقابل بالصمت أو الخيانة.

 

النكران: غياب الوفاء

 

النكران هو أن يُنسى المعروف، وتُطمس المواقف، ويُتجاهل الجميل. هو أن تنكر فضل من ساندك، أو أن تُقلل من قيمة من وقف بجانبك في وقت لم تجد فيه سواه.

هو أن تُحوّل تاريخًا من الدعم إلى لحظة بلا قيمة، وكأن من أعطى لم يُعطِ شيئًا قط.

 

النكران لا يأتي دائمًا بصوتٍ عالٍ، بل قد يأتي في شكل تجاهل، صمت متعمد، أو تقليل مما فعلته ذات يوم، بينما كنت تقدم كل ما تملك بقلب صادق.

الخذلان: كسر التوقعات

 

أما الخذلان، فهو أن تنتظر من يقف إلى جوارك في أشد لحظاتك ضعفًا، فلا تجد إلا فراغًا. هو أن تمد يدك بثقة، فتسقط لأن اليد الأخرى لم تُمد إليك. هو أن تبني على وعدٍ ما، ثم تُفاجأ بأنه كان مجرد كلمات لا وزن لها.

 

الخذلان موجع، لأنه لا يأتي من غريب، بل من شخص وثقت به، آمنته على قلبك، وربما بنيت عليه جزءًا من أحلامك.

 

لماذا يؤلمنا النكران والخذلان؟

 

لأنهما يأتيان غالبًا من أولئك الذين منحناهم من أنفسنا، وأعطيناهم مساحة في قلوبنا لا نمنحها لأي أحد. نحن لا نتألم لأننا ضُعفاء، بل لأننا أحببنا بصدق، وأخلصنا بنيّة بيضاء، ثم صُدمنا بوجه الحقيقة القاسية.

 

كيف نواجه النكران والخذلان؟

 1. ألا نندم على الطيبة: كوننا طيبين لا يعني أننا أخطأنا. الخطأ الحقيقي هو في من لم يُقدّر.

 2. أن نُعيد النظر في حدود العطاء: لنتعلّم أن نُعطي بحكمة، لا باندفاع.

 3. ألا نُحمّل أنفسنا الذنب: من يُنكر أو يخذل، هو من اختار أن يُسيء، لا أنت.

 4. أن نُعزز كرامتنا: الغفران لا يعني الاستمرار، والصبر لا يعني قبول الإهانة.

ختامًا…

النكران والخذلان محطتان في طريق الحياة، لكنهما لا يحددان مسارنا. قد يسقط القلب مرة، لكنه يتعلّم كيف ينهض. قد نُخذل، لكننا نكتشف من خلال ذلك معدن من حولنا.

ولا تنسَ، أن الله لا ينسى معروفًا، ولا يُضيع إحسانًا. فكل خيرٍ زرعته، سيعود إليك يومًا، ولو من طريق لم تتوقعه.

ابقَ طيبًا، لكن حكيمًا. واسعَ للوفاء، لكن لا تُرهق قلبك بمن لا يستحقه .

✍🏼سلطان الشايقي