المجتمع

التطوع في "بر جدة".. جهود ابتكارية لإثراء النمو والازدهار وتعظيم الأثر الاجتماعي والاقتصادي

التطوع في "بر جدة".. جهود ابتكارية لإثراء النمو والازدهار وتعظيم الأثر الاجتماعي والاقتصادي

جدة أعد التقرير: عبدالله عكور 

منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، تبلور مفهوم التطوع كعمل حضاري، وسلوك إنساني رفيع، يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ويشكل رابطاً قوياً بين مختلف فئات المجتمع من خلال توجيه الطاقات والمعارف لما يخدم المجتمع ويترك أثره المستدام فيه بما ينعكس بدوره على تحسين العلاقات وتنمية الإحساس الجماعي وتعزيز التكافل والحد من النزعات الفردية.

لقد رسمت خطة مستقبل العمل التطوعي في رؤية 2030 انطلاقة جديدة لثقافة العمل التطوعي بوصفه أحد محركات التنمية التي تعكس مدى التطور الثقافي والحضاري في المجتمع، فأسست الرؤية مفهوماً جديداً له، من خلال اشتمال مضامينها على أهداف بارزة له، منها العمل على الوصول الى مليون متطوع بحلول عام 2030، وتوفير البيئة الملائمة لتنميته، وتحفيز المتطوعين على تعزيز قدراتهم وتسخير مهاراتهم لخدمة العمل الاجتماعي.

 

التحول الوطني وتمكين العمل التطوعي.. 

 

وجاء برنامج التحول الوطني ليشتمل على حزمة من مبادرات بناء ثقافة ومحفزات العمل التطوعي وتمكينه وتنظيمه، وتطوير فرصه المتاحة وزيادة تنوعها، وتحسين فاعلية الخدمات الاجتماعية ورفع كفاءتها، وتشجيع المؤسسات على تبنِّي برامج المسؤولية الاجتماعية، وبناء منظومة للمشاركة المجتمعية من خلال عدد من المشاريع المنظمة والممكّنة للعمل التطوعي التي برز من بينها: المنصة الوطنية للعمل التطوعي كحاضنة تنظم العلاقة بين المتطوعين والجهات الموفرة للفرص التطوعية، الى جانب الجائزة الوطنية للعمل التطوعي، إضافة الى تدشين يوم التطوع السعودي بالتزامن مع اليوم العالمي للتطوع، وقد توجت وزارة الموارد البشرية والتنمية والاجتماعية ذلك كله بإصدار اللائحة التنفيذية للعمل التطوعي المفسرة لنظام العمل التطوعي الذي اشتمل على 18 مادة توضح حقوق المتطوع والجهات المستفيدة من العمل التطوعي.

 

ريادة في صناعة الأثر.. 

 

وقد أدركت جمعية البر بجدة القيمة المضافة للعمل التطوعي في خدمة المجتمع، فعملت على مواكبة مستهدفات رؤية المملكة من خلال زيادة أعداد المتطوعين وتحفيزهم وتنمية قدراتهم لتعظيم أثر العمل التطوعي في ظل رؤية الجمعية التي تعمل على تحقيق "الريادة في صناعة الأثر الاجتماعي المستدام" والتي انطلقت من خلالها لتحقيق حزمة من الأهداف الاستراتيجية التي شملت في مسارها الاجتماعي: "تعزيز العمل التطوعي بما يحقق الأثر المجتمعي".

وقدمت الجمعية ممثلة بإدارة التطوع الكثير من المبادرات التطوعية الهادفة التي برز منها: مبادرات التشجير وتنمية الغطاء النباتي التي تتواكب مع مبادرة السعودية الخضراء، بهدف غرس الوعي البيئي في المجتمع وتعزيز ثقافته، والمساهمة في الحفاظ على النظم البيئية المتنوعة.

كما حرصت الجمعية على تحفيز القطاع الخاص على الاضطلاع بمسؤولياته من خلال التعاون معه لتقديم برامج متنوعة تستفيد منها الفئات المستهدفة وتعود بالخير على المجتمع منها الاستشارات القانونية والصحية والتي تدخل في سياق التطوع الاحترافي.

الى جانب تنفيذ الفرق التطوعية التابعة للجمعية عدداً كبيراً من المبادرات التوعوية في الأسواق والمتاجر الكبرى خاصة خلال جائحة كورونا، إضافة الى مبادرات للمشي لتعزيز الصحة العامة وتحقيق جودة الحياة كمبادرة المشي المتواكبة مع مبادرة (كات ووك) وغيرها الكثير من المبادرات. 

كما ساهم المتطوعون في خدمة برامج الجمعية وأنشطتها الخاصة بالأيتام والأسر ومرضى الفشل الكلوي عبر عدد من المبادرات التي قدموا من خلالها العديد من الخدمات للفئات المستهدفة، في ظل الحرص على تحقيق جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة والارتقاء بالأنماط المعيشية لتلك الفئات. 

 

 "لقاء التطوع: رؤية قائد ورسالة وطن"

 

ولأن القائمين على التطوع بالجمعية يدركون الأثر الكبير للصروح العلمية في تشكيل الوعي بأهمية التطوع، بادرت الجمعية الى التعاون مع عدد من الجامعات من خلال عدد من المبادرات التي كان آخرها مبادرة (لقاء التطوع: رؤية قائد ورسالة وطن).  

وامتدت نشاطات الجمعية في هذا المجال لتشمل خمس جامعات هي: جامعة الملك عبد العزيز، وجامعة الأعمال والتكنولوجيا، جامعة جدة، جامعة عفت، وجامعة دار الحكمة من خلال عدد من اللقاءات وورش العمل التي تم خلالها نقل تجارب الجمعية والجامعات في إثراء العمل التطوعي وغرس ثقافته في المجتمع وتعزيز الوعي بأهميته وتحفيز قدرات المتطوعين وأفكارهم الابتكارية التي تشكل رافداً من روافد التنمية.

 

البيئة الحاضنة.. 

 

يقول الأستاذ محمد سعيد أبو ملحة عضو مجلس الإدارة رئيس نادي البر التطوعي: "دأبت إدارة التطوع بالجمعية على تقديم مبادرات مجتمعية تتواكب مع رؤية المملكة 2030 وتحقق طموحات القيادة الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وسمو ولي عهده الأمين عرَّاب الرؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله الذي قال: "إن كل من يتذوق طعم الخير لن يتركه أبداً، وسمو سيدي الملك سلمان زرع فينا حب عمل الخير". وأضاف أبو ملحة: "تأتي عنايتنا بالعمل التطوعي في ظل ما يحمله من قيمة أخلاقية مضافة باعتباره مبدأ إسلامياً وواجباً إنسانياً ومفتاحاً من مفاتيح الخير، وسمة من سمات المجتمعات النبيلة، وهو يعكس صورة من الصور التي ترسم مسارات المجتمع الحيوي والوطن الطموح والاقتصاد المزدهر، لذا ما زلنا نعمل بشكل مستمر على التوسع في أعداد المتطوعين واستثمار قدراتهم وتحفيزها لخدمة المجتمع وتمكينه وتعظيم الأثر الاجتماعي والاقتصادي للعمل التطوعي، في ظل ما قدمه المتطوعون خلال الفترة الماضية من خدمات مجتمعية يشار إليها بالبنان، وهو الأمر الذي يدفعنا للمضي في جهودنا لإثراء المجتمع بإبداعات وعطاءات المتطوعين في ظل حرص الجمعية على أن تكون بيئة حاضنة ومحفزة لتلك العطاءات والأفكار والجهود الابتكارية التي تصب في مسارات التنمية.

 

مبادرات برؤية معاصرة.. 

 

من جانبه قال مدير إدارة التطوع بالجمعية الأستاذ حسين بن شهران: "نحرص في إدارة التطوع على توثيق علاقاتنا مع مختلف القطاعات لغرس مفهوم العمل التطوعي والمسؤولية الاجتماعية، ومنذ انطلاق رؤية المملكة 2030 بأهدافها التنموية البارزة ازداد حجم الإقبال على العمل التطوعي لخدمة أهداف التنمية وقد لاحظنا ذلك من خلال الزيادة الملحوظة في أعداد المتطوعين المسجلين في الجمعية في مختلف التخصصات والذين لامسوا بأفكارهم وجهودهم احتياجات التنمية. 

وبيّن أن اعداد المتطوعين والمتطوعات المسجلين في الجمعية قارب 22 ألف متطوع ومتطوعة، سجلوا أكثر من 230 ألف ساعة تطوعية من خلال حوالي 2752 مبادرة، فيما بلغ عدد الفرق المسجلة 28 فريقاً تطوعياً.

وأكد بن شهران أن الجمعية تتعاطى مع المبادرات التطوعية برؤية معاصرة تستند الى عدد من المعطيات التي تساهم في تحقيق الأثر المستدام والقيمة المضافة، ويقف على رأس تلك المعطيات تعزيز الوعي بأهمية التطوع، وتعظيم أثره من خلال التعاون مع مختلف المنظمات بما فيها المؤسسات العلمية والتعليمية، لذا سارعنا الى توقيع حزمة من مذكرات التعاون مع الجامعات التي ساهمت في زيادة التوعية بالعمل التطوعي، واستنهاض همم شبابنا لتمتد أياديهم بالبناء الذي يرفد مختلف مشاريع التنمية.

 

التطوع الاحترافي.. وريادة الأعمال.. 

 

من جهتها أكدت رئيسة قسم التطوع بالجمعية الأستاذة أمل المالكي أن جمعية البر بجدة منذ انطلاقها حرصت على أن يكون العمل التطوعي ضمن مستهدفاتها الرئيسة وعملت وفق استراتيجيتها الجديدة على تعميق أثره الذي يخدم التنمية، لذا حرصت إدارة التطوع بالجمعية على استقطاب المتطوعين وأولت عناية خاصة لتمكين المرأة في هذا العمل الإنساني النبيل واحتضان قدراتها وتنمية مواهبها مع باقي زملائها من المتطوعين.

وأضافت المالكي: نحرص في برامجنا التطوعية على بناء الشغف في أبنائنا وتحفيزهم من خلال تسجيل ساعاتهم التطوعية في منصة التطوع، كما نعمل على أن تكون جهود وخدمات المتطوعين من مسرّعات الأعمال في مختلف القطاعات والمؤسسات التي نتعاون معها، الى جانب حرصنا المستمر على استثمار قدرات المتطوعين وتنمية طموحاتهم في مجال ريادة الأعمال ثم الاستفادة من مختلف التخصصات التي يحملها المتطوعون في إطار عنايتنا بتنمية التطوع الاحترافي بمختلف خدماته (pro bono)، بالتوازي مع التطوع العام والتطوع المهاري.

وأوضحت المالكي أنه انطلاقاً من حرص إدارة التطوع بالجمعية على رفع الوعي باستراتيجيات التطوع الذي عانينا من قصور ثقافته ردحاً من الزمن، جاءت الحراكات المستمرة في العمل التطوعي عبر التوسع في شراكات الجمعية وتنظيم الورش والدورات المختلفة، والاستفادة من علاقة الجمعية بالجامعات لإثراء الفكر الطلابي بقيمة هذا العمل، لذا بادرت الجمعية الى تنظيم مبادرة "لقاء التطوع: رؤية قائد ورسالة وطن" في عدد من الجامعات لإذكاء الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، والاستفادة من جهود وأفكار الطلاب المتخصصين من الجنسين واستنهاض هممهم لخدمة العمل الاجتماعي، ونشر الوعي بالتطوع كقيمة حضارية وإنسانية وتنموية.

وأضافت المالكي: لقاء الجامعات يجسد القيمة المضافة للتطوع الاحترافي.. حيث نعمل من خلاله على استقطاب الطلاب في مختلف التخصصات، لخدمة العمل الاجتماعي، كما نعمل على تحفيز الإبداع والابتكار لديهم بما يخدم العمل الاجتماعي التنموي.. إضافة الى حرصنا على استقطاب أساتذة الجامعات للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم في إثراء العمل الاجتماعي التطوعي المتخصص.

وبالتوازي مع ذلك فإن إدارة التطوع بالجمعية توجه عناية خاصة لمنسوبي الجمعية ومسؤوليها، وتعمل بشكل مستمر على إثراء تجاربهم في العمل الاجتماعي، كما تعمل على توحيد جهود الفرق التطوعية المسجلة بالجمعية لتصب في بوتقة أهداف الجمعية المنبثقة من رؤيتها التي تدفع باتجاه الريادة في تحقيق الأثر الاجتماعي المستدام.