الفيديوهات - اللقاءات الصحفية

الكَسّارات... سرطان الجبال


تقارير - أقلام الخبر الإلكترونية 

إعداد - أ. ملهي شراحيلي  

في جُل دول العالم، إن لم يكن كُلّها، تتنتشر المصانع، وتتعدد مظاهر التصنيع، وتتنوع أشكال التعدين، من خلال تحويل الصخور والتربة إلى منتجات تُستخدم في البناء والتعمير.
ومع أن تلك المصانع تُعتبر رافداً من أهم الروافد الاقتصادية لأغلب البلدان، إلا أن لها أضراراً بيئية واقتصادية وحتى صحية واجتماعية!!.
صحيفة أقلام الخبر ومن خلال هذا التقرير المُختصر، تُسلّط الضوء، على الكسارات المنتشرة في جبال مَسَلَة والممتمدة من وادي الخُمس شمالاً إلى وادي خُلب جنوباً، في الجهة الشرقية والشمالية الشرقية من محافظة أحد المسارحة بمنطقة جازان.

تزخر محافظات منطقة جازان، بالعديد من المميزات الجغرافية والتضاريس الطبيعية، الغنية بالمعادن، والمدافن الصخرية، والمكامن الرملية، ذات القيمة الاقتصادية، ولهذا تنتشر في أغلب محافظاتها مصانع الطوب، والتي تستمد مكوناتها الأساسية من الكسارات المنتشرة في جبال مَسَلَة، ومصنع أسمنت المنطقة الجنوبية، القابع على الضفة الشمالية لوادي خُلب.
ومع ما شكّله هذا المصنع العظيم، وروافده من كسارات، للمنطقة، وما قدموه، من أسمنت وطوب وخرسانة وبطحا وغيرها من أدوات البناء، إلا أن هناك آثاراً وأضرارًا لحقت بالمنطقة، بسبب هذه الكسارات التي أكلت الحجر وقضت على الشجر، ودمرت الغطاء النباتي الذي كان مرتعاً لأنعام السكان وماشيتهم، وموئلاً للكثير من الحيوانات البرية والطيور، بالإضافة إلى ما تشكله هذه الجبال من مناظر طبيعية خلابة، وما تمثّله من راوافد وشِعاب تصب في الأراضي الزراعية، المعتمدة على مايسيل من هذه الجبال أثناء موسم الأمطار.

صحيفة أقلام الخبر الإلكترونية، استطلعت آراء بعض المواطنين، ووقفت على بعض الأضرار التي تسببت بها تلك الكسارات المنتشرة في جبال مَسَلَة.

*تلوث الهواء وتدمير البنية التحتية:*
المواطن قحل محزري، يقول : مع ماتشكله هذه الكسارات من هدر للموارد الطبيعية وما تُلحقه من تدمير للبيئة من خلال القضاء على الغطاء النباتي فإنها أيضاً تُسبب تلوثاً للهواء بأبخرتها الترابية وأدخنة معداتها الثقيلة، مضيفاً، أن كمية الزيوت والديزل، التي تسكبها تلك المعدات في التربة، كفيلة بالقضاء على النباتات، وسوف تظل في التربة لعشرات إن لم يكن مئات السنين. 
أما المواطن، موسى خبراني، فيقول:
هذه الكسارات المنتشرة في جبل مسلة 
تَستخدم معداتها الثقيلة الطرق بشكل مباشر يومياً ذهاباً وعودة، وهذا يعني تدمير للأسفلت بالإضافة إلى الحوادث المرورية ودهس المواشي.
*أنت تكسب وأنا أكسب* 
المواطن محمد شراحيلي،  يرى أن هذه الكسارات تكسب آلاف الريالات وربما الملايين من خلال أنشطتها التعدينية والتصنيع، ناهيك عن ماتبيعه من خرسانة وبطحا لسكان القرى والمدن المجاورة ولكنها في المقابل لم تفكّر ولو للحظة في تطوير المنطقة بإنشاء عيادة طبية للأهالي أو حتى عيادة بيطرية للحيوانات التي دمرت أماكن رعيها أو زراعة الشوارع أو إضاءتها.
وفي مقارنة بسيطة، قال الأستاذ إبراهيم حامظي: 
في كل دول العالم تقريباً أي شخص أو جهة مستثمرة فإنها تقدّم لأهل المنطقة مساهمات، أولها توظيف الراغبين من أهل المنطقة وتنفيذ مشاريع تنموية وترفيهية إلا هذه الكسارات فإنها تستهلك مواردنا بدون أي مقابل.

*تدمير الجغرافيا وطمس للمعالم ...*
أستاذ الجغرافيا والتاريخ في إحدى المدارس القريبة من الكسارات، يقول:
هذه الكسارات تُشكل خطراً كبيراً ليس على مرتادي الطريق الرابط بين محافظتي المسارحة والحُرّث ولا يقتصر خطرها فقط على الأسفلت والهواء والسكان.. بل يتعدى خطرها إلى تدمير الجغرافيا المحلية بنسف هذه الجبل، مع مرور الوقت، وهذا يعني أن الأجيال القادمة لن تصدق أنه كان هنا جبل يعمل كمصد طبيعي للرياح ومصيدة للسحب، مما يعني حرمان المنطقة من الأمطار، بالإضافة إلى طمس جغرافيتها وتغيير لمعالمها التاريخية!.
المواطن، فيصل حنتول، يتساءل قائلاً:
لماذا لايتم زراعة الأماكن التي تم استهلاك أحجارها وتربتها؟
لماذا تُترك جرداء شاحبة؟
لماذا لايُستفاد من تلك الأماكن في إنشاء ملاعب للأطفال مثلاً ؟
لماذا لايتم الإستفادة من هذه المياه التي تجمعت في أماكن الحفر بسبب أعمال الكسارات بعمل ممشى حولها للمواطنين؟
وعن الإطارات المنتشرة بجوار تلك الكسارات، تساءل حنتول، مبدياً استغرابه، من تواجدها بكثرة، قائلاً ؟
من أين جاءت هذه الإطارات؟ 
ولماذا يتم رميها بهذا الشكل؟
لماذا لا يتم إعادة تدويرها؟
 مستذكراً أيام صباه، حيث كان هذا الجبل يزخر بالعديد من النباتات كالبشام والنبع، وغيرها من الأشجار والشجيرات التي تقتات عليها البهائم، مؤكداً، أن هذا الجبل وما حوله من الجبال كان مسكناً للوشق البري والذئاب، بالإضافة إلى الثعالب والارانب والضباع، والقرود.

*نظرة واقعية*
الشيخ علي طوهري، يقول: 
بعيداً عن العواطف، وبنظرة واقعية للأمر، تعتبر هذه الكسارات عبارة عن شركات وطنية تقوم بالاستثمار في طحن الصخور وتحويلها إلى خرسانة وبيعها على المواطنين في المنطقة، ونقل بعضها إلى المدينة الصناعية في بيش، ومع أنها تُشكل ضرراً على البيئة وتهدر الموارد الطبيعية وتدمر البنية التحتية، وتسبب مشاكل صحية للمواطنين إلا أنها تُعد رافداً من روافد الإقتصاد الوطني 
ويعمل بها العديد من أبناء الوطن، ونأمل من القائمين عليها استشعار مسؤليتهم تجاه المنطقة وأهلها.

*الكسارات والسعودية الخضراء*
المواطن يحيى كريري: قال : بإختصار هذه الكسارات بوضعها الحالي يتنافى مع مشروع السعودية الخضراء. مناشداً الجهات المسؤلة بضرورة إتخاذ إجراءات صارمة ضد الأدخنة المتصاعدة، والعبث الغير مبرر للبيئة، ووضع حد للتجاوزات مثل التخلص من الإطارات والنفايات ومخلفات المعدات بالطرق الصحيحة.