المقالات

كشف النقاب في ملابسات استسلام الحوثي لترامب

كشف النقاب في ملابسات استسلام الحوثي لترامب

✍🏼 ملهي شراحيلي

فجأة ودون أي مقدمات أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، أثناء مؤتمر صحفي جمعه برئيس الوزراء الكندي، في البيت الأبيض، عن استسلام الحوثي!!!.

مؤكداً أنه أصدر توجيهاته لإيقاف القصف الأميركي فوراً.

بعدها بدقائق نشر وزير الخارجية العُماني، بدر البوسعيدي، تغريدة على إكس، باللغة الإنجليزية، جاءت ترجمتها:

"بعد مناقشات واتصالات أجرتها سلطنة عُمان مؤخراً مع الولايات المتحدة الأمريكية والجهات المعنية في صنعاء، الجمهورية اليمنية، بهدف خفض التصعيد، أسفرت الجهود عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين. 

وفي المستقبل، لن يستهدف أيٌّ من الطرفين الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية، في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يضمن حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي".

 

بعدها بدأت وكالات الأنباء ومواقع التواصل الإجتماعي، تعج بالأخبار الصحفية، والتقارير الإعلامية، في تغطية لاتزال مستمرة إلى هذه اللحظة، عن استسلام الحوثي لترامب، وإيقاف القصف الأميركي للحوثيين!!!.

 

 

والسؤال الذي يتردد كثيراً، في وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الإجتماعي:

هل استسلم الحوثي لترامب، أم أن الأمر ليس سوى اتفاق على وقف الحرب؟!؟

من وجهة نظري الشخصية، أن الإجابة المنطقية على هذا السؤال، يمكن استنتاحها من أمرين إثنين:

الأمر الأول : من خلال إعلان وزير الخارجية العُماني، كونه طرف محايد.

ولو رحعنا إلى تصريحه (تغريدته) وقرأناها بتمعن، لن نجد فيها كلمة استسلام بالنص، ولكن مفرداتها تتضمن الاستسلام!!.

فبما أن الهجوم الذي قادته ونفذته الولايات المتحدة الأمريكية في اليمن، كان لسبب واحد وهو:

تحرير الممرات المائية. 

ما يعني أن تمتنع جماعة الحوثي الإرهابية، عن إعتراض السفن التي تستخدم مضيق باب المندب، والبحر الأحمر.

وكلام البوسعيدي، نصَّ على ذلك بقوله:

"وفي المستقبل، لن يستهدف أي من الطرفين الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يضمن حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي".

ومما يمكن قراءته من إعلان البوسعيدي، أن الحوثي قبل بتحرير الممرات المائية، وقد ذكرها نصاً في قوله:

"مما يضمن حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي".

وعليه فإن السبب الذي قامت من أجله الحرب قد إنتهى.

 بعبارة أخرى:

أن الحوثي رضخ أخيراً للمطلب الأمريكي، المتمثل في تحرير الممرات المائية. 

ألا يعني هذا أن الحوثي استسلم؟!؟

 

الأمر الثاني: الذي يكشف النقاب في ملابسات استسلام الحوثي لترامب، توقف الحوثي عن مهاجمة السفن!!.

والأفعال دائماً، أبلغ من الأقوال، فطالما أن الحوثي توقف عن مهاجمة السفن والبواخر التي تستخدم مضيق باب المندب، والبحر الأحمر، سواءً كانت أمريكية أو من أي جنسية أخرى، ناهيك عن توقفهم عن مهاجمة السفن العسكرية الأمريكية، فهذا بلا أدنى شك، يدل على أن الحوثي فعلاً أعلن استسلامه، حتى وإن قال غير ذلك.

 

 

أما الرواية الحوثية وتفسيرها للأحداث، فبعيدة كل البعد عن الواقع، وطريفه أكثر من كونها غريبة، وتكمن طرافتها ليس في نفي الحوثي استسلامه، فهذه عادته، ولكن ادعائه أن الاستسلام لم يأتِ بالترجي!!!.

ففي خطابٍ مطول بعيد عن الواقع، ومليء بالمغالطات، قال عبدالملك الحوثي:

"إن الموقف اليمني لم يكن كما قال "المجرم" ترامب، بناء على ترجٍ واستسلام من اليمن فهذا أبعد من عين الشمس وهذا هو المستحيل بذاته".

 

ومايثير الشفقة في هذا الخطاب، ليس كمية التناقض الصارخ فحسب، بل محاولة الحوثي أن يحجب شمس الحقيقة بغربال الكذب!!.

 

إن الحقيقة التي لامراء فيها، ويحاول الحوثي أن يخفيها، ليست استسلامه فحسب، بل مايترتب على هذا الاستسلام!!.

بعبارة أخرى:

ماذا بعد استسلام الحوثي، وإيقاف القصف الأمريكي؟!؟

ومن وجهة نظري الشخصية أن الخسائر المادية والبشرية التي لحقت بالحوثي، لم تجبره فقط على الاستسلام، بل سوف تجبره على تنازلات أكبر وأعظم، وتنازله عن السيطرة على الممرات المائية، سوف يجبره على القبول بشروط أشد مضاضة، ولن يجد بُداً عن القبول بحكومة وحدة وطنية يكون فيها كما حزب الله الإرهابي في لبنان الآن، هذا إن لم تتحرك الشرعية خلال الأيام القادمة، وتقضي على آخر آماله الساسية، بعد أن قضت أمريكا على أركانه ومنجزاته العسكرية.

ثم إن حسابات إسرائيل لم تنتهِ معه بعد، رغم تدمير ميناء الحديدة، ومطار صنعاء وعدد من المصانع.

والسؤال الأخير الذي يكشف النقاب في ملابسات استسلام الحوثي لترامب:

إذا كان الحوثي وقع اتفاقاً مع أمريكا، ولم يستسلم لها، بحسب مزاعمه، فلماذا توقفت طائراته المسيرة وصواريخه المجنحة عن مهاجمة إسرائيل؟!؟!

لقد صدق شاعر اليمن الكبير، عبدالله البردوني، حين قال، "بتصرف":

والسيدُ المحكومُ في داره

في دارنا المستحكِم الأعظمُ!

بلادنا كانت، وأبطالنا

كانوا رجالاً قبل أن يحكموا

يقالُ: كانوا فُهماء الحِمى

واليومَ لا ينوونَ أن يفهموا

"صاحوا" صباحَ القصفِ لكنهم

"عند اشتداد المعركة" استسلموا.

MelhiSharahili@gmail.com