الثقافية

اللغة العربية .. هوية وثقافة وحياة

اللغة العربية .. هوية وثقافة وحياة

الرياض - ليلى الشيخي 

تحظى اللغة العربيّة بمكانة كبيرة بين الشعوب والأمم، وتتميز بخصائص شتى، لا تماثُلها في تلك الخصائص لغة أخرى، ومن تلك الخصائص أنها لغةُ القرآن الكريم، وبها قام الدينُ، وبها تقوم العباداتُ والأحكام.

واحتلت اللغة العربيّة مكانتها المميزة بين اللغات العالميّة ؛ لكونها لغة الثقافة العربيّة وعلومها الدينيّة والدنيويّة . فهي لغة الأمة العربيّة من محيطها إلى خليجها، وهي أيضًا لغة الشعائر الإسلاميّة .

يقول أستاذ اللغويات في جامعة الملك سعود الدكتور محمد الشهري بمناسبة اليوم العالمي للغة العربيّة الذي يوافق (18 ديسمبر) من كل عام: "إنّ اللغة العربيّة مكوّن رئيس في هويتنا وثقافتنا وحياتنا، ومن المهم تطوير كيفيّة توظيف استعمالها في جميع مجالات حياتنا اليوميّة والبعيدة المدى، وذلك وَفق أفضل صور الأداء اللغوي الممكن".

ويضيف الدكتور الشهري، أن من القضايا التي يحسن معاودة الحديث عنها، وطرحها بين حين وآخر؛ حتى يتضح أمرها بجلاء لدى أبناء العربيّة عامة، ولدى محبيها والعاشقين لها بصفة خاصة، قضيّة المستويات اللغويّة، فكل لغة من لغات البشر لها أكثر من مستوى يستعمله المتكلمون بها بحسب الأحوال المختلفة، وقد تتعدد هذه المستويات فتصل لنحو خمسة مستويات، وقد تقل عن هذا.

وبحسب أستاذ اللغويات في جامعة الملك سعود فإن تنوع هذه المستويات على سبيل العموم أمر لا ضير منه؛ لأنه يمثل جانبًا من جوانب المرونة في استعمال اللغة لمتكلميها، ولتحقيق بعض حاجات المتكلم، منها: السرعة والخفة في الأداء الكلامي الذي يعبر عن مجريات الحياة اليوميّة غالبًا.

ويمكن تحديد هذه المستويات في لغتنا العربية خاصة في خمسة مستويات، وهي: أولًا- المستوى (الرسمي)، وهو أفضل المستويات وأعلاها وأجودها، ويمثله في لغتنا العربيّة المستوى (الفصيح) وهو اللغة الفصحى، وهذا المستوى هو المقصود عند الحديث عن وجوب العنايّة باللغة العربيّة ، وتمكينها، واستعمالها، ونصرتها، والذبّ عنها، وهو المستوى الذي يلتزم بخصائص اللغة العربية الفصحى المختلفة: صوتًا، وصرفًا، ونحوًا، ودلالة، ومعجمًا، وغير ذلك من جوانب اللغة العربيّة الفصحى، سواءً أكان الكلام شفهيًا أم مكتوبًا، إذ لا بد من ذلك كله.

ويأتي ثانيًا المستوى (المشترك)، وهو ما يستعمله أشخاص من بيئات لغويّة مختلفة يجمعهم مكان أو أمر معين، وهذا المستوى قريب من الأول، ولكن يتخلله غالبًا عدم التزام ببعض قوانين العربيّة ، كالإعراب، وبعض البنى الصرفيّة .

ويعد المستوى (اليومي) ثالث هذه المستويات اللغويّة ، وقد يسمى المحليّ، وهو الذي يستعمله الفرد في مجريات حياته اليوميّة في بيئته اللغويّة الخاصة به، كالأهل، والجيران، والحيّ، ونحو ذلك، وهذا المستوى فيه تخفف كثير من قوانين العربيّة المختلفة.

ورابع المستويات مستوى (لغة العمل)، وهو الذي يُستعمل في محادثة العمال غير العرب خاصة، وفيه تصرف كبير في طبيعة تكوين اللغة العربيّة ؛ حتى يمكن إفهام غير العربي المراد من الكلام.

وآخر المستويات المستوى (المنزلي)، وفيه غالبًا ما يتخفف المتكلم من كثير من قوانين العربية، مراعاة للحال والزمان والمكان، خاصة مع الأطفال والصغار.

ويؤكد الدكتور الشهري أن استعمال كل مستوى من المستويات السالفة الذكر في مجاله الصحيح هو الصواب، ولا خطأ فيه، ولا تثريب على العربي في استعمال ما دون الفصيح في الأوقات والأماكن والسياقات المناسبة لذلك، فلكل مقام مقال، وخير الكلام ما وافق مقتضى الحال والمقام والسياق في صياغته وتكوينه، وفي دلالاته ومعانيه