الثقافية

تبنـّي التغيير بين مقاومة الماضي وضروريات الحاضر

تبنـّي التغيير بين مقاومة الماضي وضروريات الحاضر

لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة له في الاتجاه، لم يكن هذ القول اعتباطاً، بل أتى من عالم له باع طويل في علم الفيزياء، وحتى صاحب هذا القول كان هناك العديد من القوى تعارضه وتحاول تقاوم ما أتى به حتى ثبت القول فأصبح يعرف بقانون الحركة الثالث لنيوتن.

ان مقاومة التغيير حركة نبتت من رحم الرأي الواحد وترتبط بالماضي المتزمت ولكي أكون دقيقاً هنا لا اتحدث عن الماضي التليد أو الحاضر المشرق، بل عن مقولة فلان لم يتزحزح عن رأيه شامخاً كالطود! ماذا عن نسبة الخطأ؟ هل من المعقول ان جميع وجهات النظر صحيحة؟ لا شك بان العدول عن الخطأ فضيلة وان التغيير الصائب محموداً حتى وان تأخر!

قال تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فالآية الكريمة واضحة والتغيير من حال الى حال مطلوب، بل هو الصواب والتعنت والبقاء على فعل الخطأ هو استمرار لـ البيروقراطية الإدارية السلبية التي نشأت في القرن الثامن عشر ولازالت مؤثرة على علم الإدارة ليومنا الحاضر.

ان أهمية إدارة التغيير في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم (SME) أهم بكثير من تلك العتيقة والكبيرة حيث ان البنيان يعد هشاً ان لم يكن الساس صلب وقوي، فعلى عاتقها يقع التخطيط الاستراتيجي لمستقبل المنشأة، وبين اروقتها تصاغ الاستراتيجيات التي تحقق الأهداف العامة وبين افرادها تنتشر الثقافة المؤسسية الرائدة!

ان مقاومة التغيير طابع بشري تتعدد فيه الأسباب، فلكل حالة مصلحة تمنعها من التغيير، فعلى سبيل المثال هناك من يخاف على موقعه بالمؤسسة ومدى تأثره بذلك التغيير وهناك من يعتقد بان التغيير سيضيف له كثير من المهام لا يريدها، وهناك وهناك والحقيقة بانه ظالم لنفسه فالتغيير دائماً يكون للأفضل والزمن تغير ولن يعود للوراء، وان التغيير آت لامحالة!

هناك سؤال دائماً يتداول بين الموظفين ولعله يقنع معارضي التغير: ما هو الفرق بين المدير والقائد؟ وللإجابة على هذا السؤال لابد ان ننظر من جميع الزوايا لتحقيق إجابة نموذجية، فالقائد استراتيجي والمدير تنفيذي، القائد يرسم الأهداف والمدير يتأكد من تنفيذها، القائد يحفز والمدير ينتج، فالقيادة تتطلب بعد استراتيجي بينما الإدارة تتطلب بعد تنفيذي وتشغيلي، ولكي تتبنى التغيير وتستوعب التحديث فانت دائماً تتطلع للإدارة الكلية Macro Management وليس الى الإدارة الدقيقة Micro management فالفرق بينهما كالفرق بين المدير والقائد!

ختاماً ان استمرارية التطوير والتدريب والاستثمار فيهما مع الاستثمار في رأس المال البشري تؤدي الى جيل مميز قادر على استيعاب أحدث التكنولوجيا وقادر على استيعاب وتبني أي تغيير يحدث في استراتيجية المؤسسة مستقبلاً، وهذا بلا شك يؤدي الى تعزيز موقف المؤسسة المالي واستدامة اعمالها ونموها...!

 

بقلم/ علي بن عبد الله المالكي