يشهد عصرنا الحالي تغيرات جذرية بفعل التطور التكنولوجي وانتشار الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، مما جعل الوصول إلى المعاصي والفتن أسهل من أي وقت مضى. فمن خلال نقرة واحدة يمكن الوصول إلى محتويات تخدش الحياء وتتنافى مع القيم الدينية والأخلاقية. ومع تخلي البعض عن القيم والآداب عبر هذه المنصات، أصبحت الفتن محيطة بالإنسان من كل جانب، مما يجعل هذا الزمن محاكياً في جوانب كثيرة لقصة أهل السبت المذكورة في القرآن الكريم.
ففي قصة أهل السبت دروس وعبر، حيث امتحن الله بني إسرائيل بمنع الصيد يوم السبت، ولكنه ابتلاهم بأن تأتيهم الحيتان بشكل ظاهر ويسهل صيدها في ذلك اليوم تحديداً. كان هذا الامتحان اختبارًا لصبرهم والتزامهم بحدود الله. وقد وقع البعض منهم في الفخ، متحايلين على الأمر الإلهي رغم وضوح النهي.
تشابه هذه القصة مع واقعنا الحالي جلي، فالإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي تمثل “حيتانًا” معاصرة تأتي إلينا محملة بالفتن والمغريات، في اختبار دائم لقوة الإيمان والوازع الديني.
وبالرغم من صعوبة الابتعاد عن الفتن في هذا العصر، إلا أن هناك خطوات فعالة يمكن أن تساعد الفرد على تجنب الوقوع في مثل هذه المعاصي :
1. تعزيز الوازع الديني: التربية الإيمانية هي السلاح الأول في مواجهة الفتن. يجب على الإنسان تقوية صلته بالله من خلال الصلاة، قراءة القرآن، والدعاء المستمر بأن يحفظه الله من الفتن.
2. التوعية بخطورة المعاصي: يجب نشر الوعي حول العواقب الدينية والنفسية والاجتماعية للوقوع في المحرمات، وبيان أن الله يراقب عباده في كل زمان ومكان.
3. استخدام التكنولوجيا بحكمة: على الفرد أن يكون واعيًا بالمحتوى الذي يستهلكه، وأن يبتعد عن المنصات والمواقع التي تروج للمعاصي.
4. إشغال الوقت بالطاعات: الفراغ هو أحد أسباب الوقوع في المعاصي، لذا ينبغي ملء الوقت بالأعمال الصالحة والمفيدة كالقراءة، الرياضة، والعمل التطوعي.
5. مراقبة النفس والمحاسبة: أن يتعلم الإنسان محاسبة نفسه على كل قول وفعل، وأن يعود إلى الله بالتوبة عند أي زلة.
كما أنني في هذا المقال أوصيكم كذلك برفع الوازع الديني من خلال :
• تعزيز دور الأسرة: على الآباء والأمهات غرس القيم الدينية في نفوس أبنائهم منذ الصغر.
• إحياء الشعائر الدينية: أداء العبادات بشكل منتظم يزرع في النفس خشية الله وحبه.
• الصحبة الصالحة: المحيط الاجتماعي له دور كبير في بناء شخصية الفرد، فالصحبة الصالحة تعين على الثبات على الدين.
• المشاركة في الأنشطة الدينية: مثل حضور دروس العلم وحلقات الذكر، التي تعزز الوعي الديني وتنمي الإيمان.
ختاماً : إن الفتن التي تحيط بالإنسان في هذا الزمن ما هي إلا اختبار لإيمانه وصبره، تمامًا كما حدث مع أهل السبت. الفرق الوحيد هو الوسائل، لكن المبدأ يبقى واحدًا. على كل مسلم أن يدرك أن الله يختبره في كل لحظة، وأن سبيل النجاح يكمن في الالتزام بتعاليم الدين والتسلح بالتقوى والصبر. ففي نهاية المطاف، “إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون” (الأعراف: 201).
✍🏼بقلم الكاتب / أحمد الخبراني
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات