جازان - ملهي شراحيلي
تقارير خاصة - صحيفة أقلام
في هذا التقرير الحصري، لصحيفة أقلام ، نحلّق سويّاً مع أسراب من الطيور النادرة التي اتخذت من منطقة جازان موطناً لها منذ القِدم، سواءً مواطن دائم أو محطة إستراحة في طريق هجرتها السنوية كل عام.
من بين كل أنواع هذه الطيور طائر الوروار، وهو الطائر الذى تغنت به فيروز، " آه دخلك يا طاير الوروار، آه ريح لك من صاوبون مشوار.. و سلم لى ع الحبايب.. و خبرنى بحالون شو صار..عا تلال الشمس المنسيى.. علا ورق الدلب الأصفر.. طير و نعلا شويى شويى.. و تصير الدنيا تصغر.. و بكروم التين ينده تشرين" لم تكن هذه مجرد كلمات عابرة انما كانت كلمات تحمل الكثير من سمات هذا الطائر وتوقيتات وجوده، إذ أن تشرين هو من الأسماء السريانية، التي يتم استعمالها بالمشرق العربي، وهو ذات الشهر الذى يقابله في التسمية الغربية شهر أكتوبر، وهو نفس الشهر الذى تهاجر فيه الطيور.
هذا الطائر من الطيور الجذابة ذات الألوان المبهجة، ويطلقون عليه اسم طائر الوروار الشرقى، المعروف بحجمه الصغير، ويتواجد بشكل مكثف على خط جغرافى واحد حول الأرض وكأنه يدور حول الكرة الأرضية من غرب إفريقيا بالسنغال وجامبيا، وشرق إثيوبيا، مروراً بشبه الجزيرة العربية، ثم الهند وصولا لفيتنام.
هذا الطائر الجميل، من الطيور المشاهَدة طوال العام في جازان، ويعرف محلياً "بالحوقل"
ولم أجد في معاجم اللغة ذكراً لهذا الإسم بذات المعنى!!، ولا أعلم سبب تسميته.
وكلمة حَوقَلة : (اسم)
الجمع : حواقِلُ.
الحَوْقَلَةٌ : تَرْديدُ عِبارَةِ لاَ حَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، وَهْيَ اخْتِزالٌ لَها.
وحَوْقَلَةٌ : قارورَةٌ طَويلَةُ العُنُقِ.
الحَوْقَلةُ :الحَوْلَقةُ.
والحَوْقَلةُ : المُسِنُّ المُتْعَبُ
تحوقلَ : (فعل)
تحوقلَ يتحوقل ، تحوقُلاً ، فهو متحوقِل
تحوقل فلانٌ حوقل؛ قال لا حول ولا قوة إلا بالله.
مُحَوقِل: (اسم)
مُحَوقِل : فاعل من حَوقَلَ.
حَواقِل: (اسم)
حَواقِل :جمع حوْقَل.
وطائر الوروار، أو الحوقل، أنواع منها ماهو مستوطن في المنطقة لاسيما المحافظات الجبلية، ومنه أنواع مهاجرة، وتظهر أسرابه أثناء عبوره أجواء المملكة في هجرته السنوية مرتين كل عام عندما يتجه من موطنه في الشمال إلى القارة الإفريقية جنوباً، ثم يعاود الهجرة شمالاً نحو موطنه خلال فصلي الربيع والخريف في الأشهر من أواخر مارس إلى منتصف مايو، ومن منتصف سبتمبر إلى نوفمبر.
تتميز أنواعه برشاقة أجسامها وزهاء ألوانها باستطالة مناقيرها المقوسة الدقيقة الملاقط بأرساغها الصغيرة بأجنحتها المتسطيلة الذلقة وبأذنابها الطويلة المقطومة التي تعلوها وتخرج عنها ريشتان فارقتان.
يعد طائر الوروار من الطيور التي تتلذذ بالتهام النحل الطائر وهي تحتاج إلى كميات كبيرة منه يومياً وهذا يشكل خطورة على المناحل، وهذا الطير سريع الحركة والطيران والمناورة وهو يفضل الاستراحة على أسلاك الكهرباء أو الأغصان وخاصة القريبة من المناحل وتكمن خطورته بمدى التهامه للنحل الطائر وكذلك لالتهامه لملكات النحل في طيران زفافها.
ونظراً لما تتميز به منطقة جازان من غطاء نباتي وارف، ومسطحات مائية عذبة، وأراضيها الزراعية الخصبة، وغيرها من العوامل الطبيعية، والمقومات البيئية، والظروف المناخية، ساهمت في أن تكون بيئة مثالية للعديد من الطيور والكائنات الحية، ومحطة من أهم محطات هجرة الطيور السنوية.
وأصبحت المنطقة تستقبل كل عام أسراباً من الطيور النادرة، منها طيور مهاجرة، وأخرى مهددة بالانقراض.
ومن أندر الطيور على الإطلاق، البومة العربية الصغيرة التي لايمكن رؤيتها إلا بجنوب غرب المملكة، وتحديداً في منطقة جازان، بل لم يتم رصدها من قبل في أي موقع أخر في العالم، بحسب مواقع رسمية مختصة.
وتعتبر منطقة جازان من المناطق المناسبة لهجرة الطيور وتكاثرها كونها منطقة شبه استوائية إذ تم رصد سبعة أنواع منها نادرة جدا لا تعيش إلا في منطقة جازان كالوقواق المرقط الكبير الذي لم يسبق لأحد رصدها من قبل في أي موقع آخر، وطائر الصفاري النادر والذي تم رصده في المنطقة.
والبومة العربية هي الأخرى نادرة على مستوى العالم والخليج ولا تتواجد إلا جنوب المملكة وتحديدا في منطقة جازان وحجمها لا يتجاوز الـ٢٠ سم،
وكذلك تم رصد البلشون الأسود جنوب منطقة جازان والوقواق الناسك وسبد السهول وحوام العسل الذي يهاجر إلى منطقة جازان ويعتبر من الطيور النادرة، إضافة إلى خطاف الذباب الفردوسي. وعدد من أنواع البط وطائر مرزة البطائح والعقاب النساري والعقبان والكنج فيشر والوروار الأوربي والشقراق الهندي والحبشي.
إن منطقة جازان تعتبر منطقة شبه استوائية، تتمتع بمقومات بيئة طبيعية، قل أن تتواجد في أي منطقة أخرى في المملكة وبيئتها مناسبة لتكاثر العديد من الحيوانات والطيور وأصبحت مصدر إغراء لراصدي الطيور والمصورين على مستوى الخليج العربي لرصد الطيور النادرة في المنطقة.
ومن أهم الطيور التي يمكن رصدها والاستمتاع بمشاهدتها لاسيما خلال موسم الخريف والشتاء، من هذا العام، ومن كل عام، خصوصاً في لحظات الشروق، وقبل الغروب، أسراب الحجل البري، أو الدجاج الحبشي، وبعض طيور العُقب، بالإضافة إلى أصناف متعددة من العصافير وطيور القطى، والحمام البري المسمّى محلياً "الهَجَف"، "والسامٍل" أو السمّان، وطائر الصرد، والشغاغة.
كما يمكن مشاهدة "أبو معول" !!
وأبو معول أو البوقير ذو المنقار الأسود، واسمه العلمي العربي: البوقير الأفريقي الرمادي، ويسمّى أيضاً الأهيم التهامي، أو طائر العجلة الحزين، ينتمي إلى فصيلة البوقيريات.
وهو طائر رمادي أو بني اللون باستثناء منطقة البطن فهي باللون الأبيض، يصل طوله إلى 45 سم وقد يتجاوز ذلك أحياناً. يمتاز بمنقاره الكبير الأسود اللون، أما الإناث فإن الفك السفلي لمنقارها يكون باللون الأصفر. له أصوات قوية مميزة يمكن سماعها من مسافات بعيدة. يعيش في الأراضي المشجرة، السافانا، والمراعي والأحراش، ويعيش على ارتفاع تصل إلى 1700 متر عن سطح البحر وهو يعيش في أزواج أو في مجموعات تصل إلى 20 طائراً. يستعمل منقاره لحفر الأشجار وبناء أعشاشه في تجاويفها. ويتغذى على الحشرات والديدان والفاكهة.
يستوطن أفريقيا وجنوب الصحراء، ابتداءً من غرب إفريقيا في السنغال وغينيا إلى أثيوبيا في الشرق كما يوجد في جنوب الصومال، وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا، وزامبيا، ومالاوي، وزيمبابوي، وناميبيا، وجنوب أفريقيا، وأنغولا، وتهامة جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، إذ يُعرف بالأهَيم التهامي نسبة لها.
إن هذه الوفرة من الفرائص، بالإضافة إلى الدفئ الشتوي، يجذب العديد من الطيور الجارحة، والشياهين والحدأة وبعض أنواع النسور التي تتخذ من جازان موطناً لها، هرباً من شتاء سيبيريا الروسية، وجبال أوروبا المتجمدة.
لذا فلا غرابة أن تشاهد الصقارين من شمال ووسط المملكة، ودول الخليج يتوافدون إلى منطقة جازان بحثاً عن اقتناص أفضل وأجمل الصقور، لاسيما في موسم الصيد.
ناهيك عن عشاق البراري والحياة البري، من الرحالة الخليجين والعرب الذين يهروعون إلى المنطقة للاستمتاع بأجوائها الدافئة ومناظرها الفاتنة، وتوثيق أجمل المشاهد، بالصوت والصورة، في رحالات برية وكأنهم يحاكون هجرة الطيور المهاجرة التي استراحت في المنطقة.
ختاماً مهما حاول المرئ أن يصف تلك اللحظات ومافيها من مشاهد فاتنة، ولقطات ساحرة، فإنه إلا ما يبقى مالا يمكن وصفه، ولا يمكن للعدسات التقاطه، ولا تستطيع الكلمات أن تعبر عنه، من نسمات عذبة، وروائح عطرية، لاسيما في سويعات الصباح الباكر، عندما يمتزج غناء العصافير، مع خرير الجداول، وتلتقي خيوط الشمس مع أنفاس الزهور المنبعثة من كباكب الوزاب والسيمران، حين تنتشر أسراب الحجل بين حشائش الأيبد والخيفان، وتتساقط قطرات الندى من على أوراق النبع والبُشام.
هذه المشاهد وغيرها مما لايمكن إلا الاستمتاع بها في جلسات صباحية هادئة، أو مسائية استرخائية، تتماها فيها المشاعر مع الحواس، ويذوب فيها الفكر مع الإحساس، تأملاً وتفكراً واستمتاعاً، ومهما طالت تلك الأوقات، إلا أنها تنقضي أسرع من انقضاء فترة هجرة الطيور!!،
وكما قال الشاعر:
طيورَ الخريفِ أطيلي البقاء
فما زال للحبِّ هذا الضياء
أقيلي وغنى غناءَ الربيع
ولو في الخريفِ فينأَى الصقيع
أطيلي البقاءَ فإنَّ العطور
تُراقُ استماعا وُتزهَى الزهور
طيور الخريفِ لماذا الرحيل
وهذى ربوع الجمال الأصيل.
MelhiSharahili@gmail.com
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات