المحليات

لماذا يفضل البشر لحوم الدجاج على غيرها من اللحوم؟

لماذا يفضل البشر لحوم الدجاج على غيرها من اللحوم؟

تقارير - أقلام الخبر 

يُعتبر لحم الدجاج من أكثر أنواع اللحوم استهلاكًا حول العالم، حيث يحتل مكانة مميزة على الموائد في مختلف الثقافات. ورغم تنوع مصادر البروتين الحيواني مثل اللحوم الحمراء والأسماك، يبقى الدجاج الخيار الأول للكثيرين دون شعور بالملل أو النفور. هذا الإقبال المستمر يعود إلى مجموعة من العوامل المتكاملة التي تجعل من لحم الدجاج وجبة مثالية تجمع بين الطعم والتنوع والفائدة الصحية.

 

أحد أبرز أسباب شعبية الدجاج هو طعمه المحايد الذي يمنح الطهاة مساحة واسعة للإبداع والتفنن في طرق تحضيره. لحم الدجاج يشبه “لوحة بيضاء” يمكن تلوينها بنكهات وتوابل مختلفة، مما يجعله مناسبًا لمختلف الأذواق والثقافات. في المطبخ العربي مثلًا، يعتبر الدجاج مكونًا رئيسيًا في أطباق مثل الكبسة، حيث يُطهى مع الأرز والبهارات الغنية ليقدم طبقًا متكاملاً في الطعم والمظهر. أما في عالم المشاوي، فتتنوع طرق تحضيره بين الشيش طاووق والدجاج المشوي على الفحم بتتبيلات مختلفة، ما يجعله حاضرًا بقوة في الولائم والرحلات العائلية. ولا يمكن تجاهل الأطباق العالمية الأخرى التي تحتفي بلحم الدجاج مثل الدجاج بالزبدة الهندي (باتر تشيكن)، والدجاج الصيني الحلو والحامض، وشرائح الدجاج المقلية “كرسبي” في المطبخ الغربي.

 

ما يميز الدجاج أيضًا هو فوائده الصحية وتنوع قطعه. فهو غني بالبروتين وقليل الدهون، خاصةً في صدوره، ما يجعله خيارًا مثاليًا لمن يتبعون أنظمة غذائية صحية أو يهدفون لخسارة الوزن. كما أن تنوع أجزاء الدجاج يمنح الطهاة مرونة أكبر في تحضير الأطباق؛ فالأجنحة والفخذين تعطي نكهة أغنى بفضل احتوائها على نسبة أكبر من الدهون، بينما تعتبر الصدور خيارًا أخف وأقل دسامة. هذه المرونة تسمح بإعداد وجبات تناسب الرياضيين، متبعي الحميات الغذائية، وحتى الأطفال الذين يحتاجون إلى وجبات خفيفة وسهلة الهضم.

 

سهولة هضم لحم الدجاج تعد عاملاً مهمًا آخر في تفضيله على اللحوم الأخرى. فبخلاف بعض اللحوم الحمراء التي قد تكون ثقيلة على المعدة، يمتاز الدجاج بخفته وسهولة هضمه، مما يجعله خيارًا مثاليًا للأطفال وكبار السن وحتى المرضى الذين يحتاجون إلى وجبات خفيفة لا ترهق الجهاز الهضمي. هذه الخاصية تجعل الدجاج مفضلًا في تحضير الشوربات واليخنات الخفيفة التي تُقدم عادةً خلال فترات النقاهة أو كوجبات خفيفة في أيام الشتاء الباردة.

 

من الناحية الاقتصادية، يُعد الدجاج خيارًا متاحًا لمعظم الأسر بفضل تكلفته المنخفضة مقارنةً باللحوم الحمراء أو الأسماك. كما أن سرعة تربية الدواجن وسهولة إنتاجها تضمن وفرتها المستمرة في الأسواق، مما يجعلها عنصرًا دائمًا في الوجبات اليومية.

 

أما من الجانب الثقافي والديني، فإن لحوم الدجاج تُعتبر مقبولة في معظم الأديان والمعتقدات، بعكس بعض اللحوم مثل لحم الخنزير أو أنواع معينة من الأسماك التي قد تكون محظورة في ديانات معينة. هذه الميزة تجعل الدجاج الخيار “الآمن” في التجمعات والعزائم التي تجمع أشخاصًا من خلفيات ثقافية ودينية مختلفة.

 

ولا يمكن تجاهل العلاقة النفسية التي تربط الناس بلحم الدجاج. منذ الطفولة، يرتبط الدجاج بالوجبات العائلية والمناسبات السعيدة، مما يولّد شعورًا بالراحة والانتماء عند تناوله. هذا الاعتياد المستمر يخلق علاقة طعام صحية ودافئة، تجعل من الدجاج خيارًا دائمًا يصعب الاستغناء عنه.

 

إن استهلاك البشر المستمر للحم الدجاج دون ملل هو نتاج مزيج متكامل من العوامل التي تبدأ من سهولة تحضيره وتنوع طرق طهيه، مرورًا بفوائده الصحية وسهولة هضمه، وصولًا إلى تكلفته المعقولة وقبوله الثقافي والديني الواسع. وبفضل هذه الميزات، يستمر لحم الدجاج في الحفاظ على مكانته كأكثر اللحوم استهلاكًا حول العالم، جامعًا بين الطعم، الفائدة، والذكريات الجميلة التي تبقى راسخة في أذهان عشاقه.