المقالات

نوء البُطين 

نوء البُطين 

✍️ ملهي شراحيلي

قبيل شروق شمس يوم الخامس والعشرين من مايو من كل عام، يطلع نجم البطين مؤذناً بدخول نوء البطين فلكياً.

وهو آخر أنواء الربيع، وآخر منازل الكنّة، ويعتبر البداية الفعلية لدخول فصل الصيف، واقعياً وليس حسابياً.

ونوء البطين، ويسمّى كذلك بطن الحمل، والشرطان قرناه، والثريا إليته، وهو ثلاثة كواكب صغار مستوية التثليث، كأنها الأثافي، طالِعَهُ في الخامس والعشرين من مايو، ومدته 13 يوماً.

 والبطين نجم برتقالي عملاق يبعد 168 سنة ضوئية عن الشمس، وقُطره أكبر من قطرها بثلاثة عشر مرّة. ويقال : نجم البطين تويبع الوسمي وهو غير وسمي الخريف وعند العامة يعرف بـ (بارح الحفار)، وفيه بداية مربعانية القيظ (الثريا الثانية) وهي التسمية المحلية لآخر طوالع فصل الربيع وعدد أيامها تسع وثلاثون يوماً، والبطين هو شر الأنواء وأنزرها مطرا. وقل ما أصابهم إلا أخطأهم نوء الثريا- ونوءها أشرف الأنواء وأغزرها-.

ويعتبر البطين، آخر انواء الربيع وأول مربعانية القيظ. و كان يعتقد العرب، قبل الإسلام، أن الزواج في البطين إيذاناً بموت الزوج قبل الزوجة.

يقول ساجع العرب: (إذا طلع البطين أقتضوا الدين وظهر الزين وأقتفى الصياد العين وأعتنى بالعطار والقين) ومعنى اقتضائهم الدين أي أنهم يطمئنون ويقتضي بعضهم بعضاً ما له وما عليه من دين، وقولهم ظهر الزين يراد أنهم عند التلاقي يتجملون بأحسن ما يقدرون عليه وإعتناؤهم بالعطار واصلاح القين وهو الحداد ما يحتاج إلى اصلاح من آنيتهم وآلاتهم.

والبطين أول القيظ، فيه يجف العشب، وتكون الرياح الشمالية، والشمالية الغربية فيه شديدة، وتزداد فيه الحرارة والسموم خاصة في منطقة الخليج وما جاورها وهو من الفترات الجافة والخالية من الأمطار وتستمر فيه هبوب ( البوارح ) وهي الرياح الشمالية الغربية المحملة بالغبار والأتربة من طلوع الشمس، ويشتد عصفها بالتدريج مع اشتداد الحرارة ثم تهدأ مع غياب الشمس ويترسب الغبار على الأشياء.

 ومن مظاهر البطين ابتداء احمرار حبات العنب وكذلك التين ويفرغ من حصاد الشّعير، ويبدأ حصاد الحنطة والقطابي وهي من الحبوب، وتكثُر الفاكهة بالعراق والشّام، وفيه وفرة القثاء والخيار والباذنجان، وتُجنى فيه باكورة البطيخ ويُغرس فيه قصب السكر، وتحتاج فيه الأشجار للسقي بكثرة ويكثر في هذا النجم تواجد العقارب.

جاء في رسائل اخوان الصفا في البطين: أنه نُهى عن الزواج فيه، وعن الشراء، ولبس الجديد من الثياب، وقالوا:

 أنّ من لبس فيه ثوباً جديداً يُخشى عليه من السل! ودعوا إلى الزراعة فيه وعدم الإكتيال، وجاء فيه انّ من أكتال في هذا اليوم غلة لم يبارك له فيها.

 ومن ولد في هذا اليوم إن كان ذكراً كان صالحاً ناسكاً كتوماً للأسرار، محمود السيرة، حسن المعيشة، كثير الأعداء؛ وإن كانت أنثى كانت فاجرة متهتكة، سيئة السيرة مبغضة في الناس.

وفي كتاب الأنواء في مواسم العرب، لابن قتيبة الدينوري، عن نوء البطين قال:

(ويقال إنها «بطن الحمل» . وإذا أنت آثرت أن تعرفها، التمستها بين الشرطين وبين الثريا. وطلوعه لليلة تبقى من نيسان. وسقوطه لليلة تبقى من/ تشرين الأول [و] عند سقوطه يرتجّ البحر!، ولا تجرى فيه جارية وتقطع الحدأ والرخم والخطاطيف إلى الغور، ويسكن النمل.

ويقولون عنه : «ما ناء البطين، إذا كان منه مطر لم يضر مع أنواء الأسد.».

وقال عنه، المؤرّج السَّدوسيّ: «هو شر الأنواء وأنزرها مطرا. وقل ما أصابهم إلا أخطأهم نوء الثريا».

وللوزير المغربي:

والحوتُ يطفو فإذا ما طفح الفجرُ رَسَب 

والشرطانِ الصولجا نُ عند لعابٍ درب  

ثم البُطَينُ بعده مثلُ أثافيِّ اللهب  

كأنما الحادي له في صحةِ التقديرِ أب  

تجزعها مجرَّةٌ من قُطُبٍ إلى قُطُب  

كأنها جسرٌ على دجلةَ مبيضُّ الخشب.