المحليات

موسم الكنّة ... نهاية فصل الربيع ودخول الصيف 

موسم الكنّة ... نهاية فصل الربيع ودخول الصيف 

تقارير أقلام الخبر- ملهي شراحيلي 

تشهد الأجواء هذه الأيام تقلبات جوية، على شكل عواصف مطرية في بعض الأماكن، كما حصل خلال الأسبوع الماضي في سلطنة عُمان، والإمارات واليمن، وعواصف ترابية في أماكن أخرى، كما حصل خلال اليومين الماضيين في شرقي ليبيا، وامتدت آثارها إلى مصر. 

ولا تزال الفرصة مهيئة بمشيئة الله تعالى وإرادته، لظهور عواصف مماثلة خلال الأيام والأسابيع القادمة، وهي ظواهر طبيعية تتكرر كل عام تقريباً.

وقد لا حظ القدماء هذه التقلبات الجوية، وما يوافقها من حركة ظاهرية للشمس، من خلال تنقلها في المنازل الفلكية، أو مايعرف لدى الفلكيين بمنازل القمر، فأطلقوا على هذا الفصل من العام، وهو الوقت الزمني بين الربيع والصيف، "موسم الكنّة".

 

والكنّة: أي كنة الثريا من المواسم المشهورة في السنة وكما للوسم وللمربعانية في القيظ والشتاء من الشهرة والاهتمام فإن للكنّة شهرتها بل وأكثر أهمية من جميع أيام السنة كلها خاصة وأنها تُعد فصلاً مهماً يُعتد به بين الربيع والصيف.

والكنّة عند الفلكيّن هي فترة اختفاء عنقود الثريا في شعاع الشمس، وهي نهاية الربيع وبداية الصيف، وهي من مظان الغيث. ويؤرخ بعض التقاويم بدايتها في ٢٩ أبريل ونهايتها في ٧ يونيو، وهو الصحيح والأقرب للواقع.

ويوافق دخول موسم الكنّة لهذا العام ٢٠٢٤، الإثنين القادم ٢٠ شوال ١٤٤٥هـ. 

أما بالنسبة للتاريخ الميلادي، فموسم الكنّة يوافق دائماً ٢٩ أبريل من كل عام، ومدته ٣٩ يوماً.

وبدخول موسم الكنّة، يتبقى على فصل الربيع "فلكياً" ٣٩ يوماً.

يقول زبن بن عمير:

قد زل حتن الربيع وداخل لاهوب كنه !.

والكنّة، تعني إختفاء الثريا، أما تسمية الثريا، فهي مصغرة من الثروة وهي اجتماع نجومها، ولما اشتهر في وقت كنّتها وما تهيأ من متغيرات كثيرة مؤثرة على سكان الصحراء في أجسامهم وحلالهم وممتلكاتهم وزروعهم ومجمل حياتهم، وهي فترة لا علاقة لها بالأحداث في ذاتها، ولكنها ذات خصائص هيأت الفرصة لأشياء كثيرة، من ظهور الحشرات والزواحف إلى استقبال الجفاف وانحسار الغطاء النباتي كما احتاج فيها الحلال والأغنام إلى الغذاء والماء ونتج عن تعدد المتغيرات ظهور الكثير من الأمراض، والعِلل في المزروعات والدواب والبشر!.

يقول راشد الخلاوي:

ومن بعدها تطلع وبها القيظ يبتدي

وتأتي بروق ولا يسيل شعيب

 

وتكثر التقلبات الجوية ويسود الجفاف في اليابسة والهواء ولهذا تكون فترة الكنة فترة حرجة جداً، وهي الفترة التي نحن فيها هذه الأيام. 

قال الوقداني :

يالله من نون ليا انقادي

نسم العوالي جن يبرنه

يسقي فراع الضلع والوادي

حتي نشور البدو يرعنه

ياحيد ياللي فيك انا بادي

مازل لك ياحيد من رنه

علّك من المصياف رعادي

يمطر علاك الصيف والكنّه.

 

ويقول ابن قتيبة: "وقال طبيب العرب اضمنوا لي ما بين سقوط الثريا وطلوعها أضمن لكم سائر السنة".

ويعني بالضمان هنا، إلتزام الوقاية والحفاظ على السلامة والعافية في فترة الكنّة التي هي اختفاء نجم الثريا مدة تصاحب فيها حمرة الشمس في الشروق والغروب لا يراها الناظر، فكأنها اكتنت وانسترت من ذاتها واختفت عن الرائي، والمكنون هو المحفوظ عن اللمس والنظر وكن الشيء، أخفاه وصانه وستره.

وكلمة (كنّة) في معاجم اللغة جاءت بعدة معاني، فــ كَنّة: (اسم) 

والجمع : كَنَائِنُ

والكَنَّةُ : : اِمْرَأَةُ الابْنِ

والكَنَّةُ : : اِمْرَأَةُ الأَخِ

وكُنّة: (اسم) 

الجمع : كِنانٌ

الكُنَّةُ : الشيءُ يُخرِجُهُ الرجلُ من حائطه كالجناح ونحوه، أَو السَّقيفةُ تُشْرَعُ فوق باب الدار، أو ظُلَّةٌ تكون هنالك

الكُنَّةُ :مُخْدَعٌ أَو رَفٌّ يُشرع في البيت.

ومنها كَنَائِن: وهي(اسم) 

وكَنَائِن :جمع كَنّة

كنائن: (اسم) 

وكنائن :جمع كِنانة

 وكذا أُكْنَةُ: (اسم) 

الجمع : أُكَن

الأُكْنَةُ : وكْر الطائر.

وقولهم، كَنْكَنَ فلانٌ:كَسِل وقَعَد في بيته.

والكِنَانَةُ : جَعْبة صغيرة من جلد أو نحوه؛ لوضع السِّهام.

وأَرْضُ الكِنَانَةِ : يُقْصَدُ بِهَا أَرْضُ مِصْرَ مَجَازاً.

يقول راشد الخلاوي:

حساب الفلك بنجم الثريا مركب

يحرص له الفلاح والطبيب

إليا غابت الثريا تبين رقيبها

والى طلعت ترى الرقيب يغيب.

 

وقوله عن حرص الفلاح والطبيب يؤكد ما في فترة الكنة من ضرورة الحفاظ على سلامة الزروع من العطش والآفات، وكذلك يهتم الطبيب بسلامة الأجساد كما أن في البيت تنبيه على أن الصحة في تلك الفترة معرضة للخطر، "وأوبأ أوقات السنة عندهم ما بين مغيبها إلى طلوعها".

 

ويقال: "ما طلعت الثريا ولا نأت إلا بعاهة في الناس والإبل، وغروبها: أعوَه من شروقها".

 

كما يشير الخلاوي إلى الجفاف وتحطم النبات بعد فترة الكنة فيقول:

متى ما الثريا مع سنا الصبح وايقت

ترى كل خضرا ودعت بالسنايد

 

وهذا سيكون بعد طلوع الثريا بعد استتارها أو كنتها (الكنّة) التي تدوم 39 يوما ابتداء من 29 إبريل إلى يوم 7 يونيه.

وموسم الكنه له ثلاثة أنواء - «منازل القمر» - وهي الرشا أو بطن الحوت، والشرطين والبطين، وينقسم كل منها إلى 13 يوماً بالتساوي، حيث تنتهي في منتصفه فترة السرايات التي ربما تشهد في فترتها الأخيرة سقوط للأمطار بشكل مفاجئ مصحوبة بالرعد والبرق وأحياناً البَرَد.

 ومع دخول موسم الكنّة ترتفع درجات الحرارة تدريجياً حتى تلامس 40 درجة مئوية نهاراً.

وفي هذا الموسم تختفي نجوم الثريا عن الأبصار، قبل أن تعاود الظهور في السابع من يونيو المقبل وفق الحساب الفلكي، وتكون عندها نهاية هذا الموسم، ولذلك أُطلق على هذه الفترة بـــ «الكنّة».

 

ودخول موسم «الكنّة» دلالة على بداية الطقس الحار، وهو من علامات نهاية فصل الربيع المعتدل، وتبلغ مدته 39 يوماً.

 

ومع دخول موسم الكنّة تكون أشعة الشمس لاسعة، وترتفع درجات الحرارة ويُلاحظ التغير فيها بشكل متسارع، ودخول هذا الموسم هو مرحلة انتقالية من أجواء الربيع إلى بداية الصيف، حيث تكون الأجواء خلاله مرهقة نظراً إلى الحرارة المتزايدة علاوة على زيادة مستوى الغبار والأتربة وحركتها، ولا يخلو هذا الموسم من احتمالات لتساقط الأمطار، بمشيئة الله تعالى، لاسيما في أول أيام الكنّة.

 

يقول مساعد الرشيدي :

عذب السجايا وعوده بأول الكنّه

متى تزين السوالف و آخذ أعلومه

واسامحه عن خطاة الجرح والونّه

واعاتبه لو يصد اشوي والومه

واذكّره باول المسفار حتى انــــــه

إليا تذكر زمان اول نسـى نومه.