المقالات

التدفق النفسي

التدفق النفسي

✍️ د. سعود السويهري 

يهتم علم النفس الإيجابي بدراسة القوى الشخصية الإيجابية التي تسهم في مساعدة الأفراد على كافة المستويات سواء نفسيا أو جسميا أو إجتماعيا، ومن بين هذه الخبرات خبرة التدفق النفسي الذي يمثل أعلى تجليات الصحة النفسية الإيجابية.

ولتوضيح معنى التدفق النفسي، ذلك المفهوم الذي يعني تحقيق المتعة والسعادة أثناء تأدية عمل ما، ونسيان الذات والاستغراق في أداء مهمة تسلب من الفرد إنتباهه وحواسه لدرجة تصل به إلى نسيان العالم الخارجي المحيط، وتتملكه حينها حالة من التدفق للعواطف والانفعالات الإيجابية المليئة بالطاقة والنشاط المتجدد والحيوية، حبا فيما يقوم به وسعيا وراء تحقيق إنجاز معين.

وإذا ما نظرنا لأنفسنا وتمعنا أحوالنا وجدنا أنفسنا يوما ما أننا استغرقنا وقتا في أداء عمل ما جعلنا ننصرف عن عالمنا ولو لبعض الوقت وجعلنا نشعر أننا خارج حسابات إطار الزمان والمكان، وحقق لنا بهجة وسعادة، وعلى النقيض فإذا تملكت الفرد مشاعر الضيق والملل والشعور بالأعراض الاكتئابية والتوتر فإن ذلك يحول دون تدفق المشاعر والاستغراق في النشاط أو المهمة.

عزيزي القارئ نحتاج كثيرا للتدفق النفسي في حياتنا، وخصوصا في الجوانب الإيجابية النافعة التي تحقق لنا تقدما ملحوظا لإتقان مهارة ما أو تعلمٍ ما، كإتقان لغة ما، أو تعلم نشاط معين، أو ممارسة رياضة ما، وصولا لمرحلة إبداع أو تحقيق أداء متميز .

ويترتب على حالة التدفق النفسي التي يحياها الفرد آثارا إيجابية في كينونة الفرد منها : خفض الشعور بالملل بل والقضاء عليه، وتعزيز وتقوية ثقة الفرد بنفسه واستقلاليته، ويزيد من مستوى الطموح الذي يفرض علي الشخص تنمية التفكير الإبداعي والدافعية للإنجاز، وقد اعتبر "جولمان" التدفق النفسي من أحسن حالات الذكاء الوجداني؛ لأنه يمثل أفضل حالات تعزيز الانفعالات وأقصاها درجة في خدمة الأداء والتعلم لمهارة ما، بشرط الدخول لمنطقة التدفق ومعايشتها.

ويتطلب منك لمعايشة حالة التدفق النفسي أن تقوم ببعض الأمور عند القيام بشئ محبب لديك، كما ينبغي الإشارة إلى ضرورة أن تحب ما تقوم به، والعزم على إتقانه، ويمكن توضيح ذلك من خلال النقاط التالية:

1 - أن تحدد هدفك بدقة، وتعزم على تحقيقه.

2 - أن تأخذ الأمر على محمل التحدي، بشرط توافر حالة التوازن وضبط المشاعر.

3 - أن تشعر بالإستمتاع الذاتي أثناء ممارسة النشاط أو المهمة التي أنت بصدد تعلمها، وتسعى لإنجازها وتحقيقها.

4 - أن تستعد لدمج الوعي بالفعل.

5 - أن تركز على ما تقوم به بوضوح.

6 - أن تشعر أنك خارج نطاق الوقت والزمن.

7 - أن تمر عليك الأوقات والساعات كأنها دقائق وثوان.

8 - أن تزداد لديك الدافعية للتعلم.

9 - أن تؤدي ما تقوم به بتلقائية، والمرونة في إعادة ما يطرأ من تعديلات.

وأخيرا يمكن القول بضرورة أن تحب ما تعمل حتى تحقق ما تحب، وإذا ما حققت التدفق فقد ضمنت التفوق