جازان - ملهي شراحيلي 

تقارير خاصة - أقلام 

في هذا التقرير الحصري، لصحيفة أقلام ، نأخذكم في جولة سياحية لنتعرف على بعض وديان محافظة الحُرّث، بمنطقة جازان. 

تقع محافظة الحُرّث في الركن الجنوبي الشرقي من منطقة جازان، ويحدها من الشمال محافظة العارضة، ومن الجنوب محافظة صامطة، ومن الغرب محافظة أحد المسارحة، ومن الشرق الحدود الدولية مع الجمهورية اليمنية.

تحرسها (جغرافياً) سلسلة جبلية من الشرق والجنوب، وهي امتداد لسلسلة جبال السروات.

ففي الركن الجنوبي منها يعلو شامخاً جبل جُحْفان، وشماله جبل الرُّميح، فجبل تويلق من الشرق وجبال الفدنا وملحمة من الشمال الشرقي.

رغم مساحة الحُرّث الصغيرة التي تقدر بحوالي ١٠٠ كيلو متر مربع، إلا أنها تكتنز بين جنباتها العديد من المعالم السياحية والمواقع الأثرية، والمسطحات المائية، بالإضافة إلى عدد من الوديان والشعاب، التي تغذّي غطاءها النباتي، وأراضيها الزراعية.

يحفُّ محافظة الحُرّث، واديان من أهم وأكبر الأودية بجازان، وهما وادي ليه من الجنوب ووادي الدحن من الشمال، ويتوسطهما وادي خُلُب.

فوادي ليه، يقع في أقصى جنوبها، وهو ينحدر من الشرق إلى الغرب، مُنساباً بين جبل جحفان وجبل الرميح، متجهاً نحو محافظة صامطة، ويمتاز بجريانه أغلب أيام العام تقريباً، وتحفه أشجار البشام النادرة، وأشجار الأراك، بالإضافة إلى نبات البردي وأشجار الجار وغيرها من النباتات التي تزخر بها المحافظة. 

إلى الشمال من ليه يأتي وادي خُمران، ووادي القصب، وعلى مسافة (٩) كيلو مترات شمالاً من وادي ليه، ينساب وادي خُلُب من أعالي الجبال الشرقية مخترقاً المحافظة نحو الغرب إلى البحر الأحمر. 

وهو من أشهر أودية جازان وأكثرها جرياناً طوال العام، وعلى ضفافه تقع حاضرة المحافظة، ومتنزّه العين الحارة ذائع الصيت، الذي يتوافد عليه الزوار والسائحون من داخل المملكة وخارجها.

ووادي خُلب، يلتقي بواديين آخرين من أكبر الأودية في المحافظة، قبل أن يخرج من الحُرّث متجهاً نحو محافظة أحد المسارحه، وهما وادي دهوان، ووادي سيال، في مكان يعرفه سكان المحافظة بملقى' مودية، ويقع إلى الشمال الغربي من متنزّه العين الحارة، في واحة من أشجار الأراك والأثل، تسكنها طيور الحجل والحمائم البرية، المعروفة محلياً بطيور الهَجَف.

هذه الواحة تحاكي ماقاله الشاعر:

أَساكنةً وادي الآراكِ أراك

تزينينَ لي وادي الأراك أراكِ

تزينينَ لي أجزاعهُ وبراقه

وما كانَ مِن أثلٍ به وأراكِ

تذكّرني أيّام أَلفتنا بهِ

حمائمُ مِن فوقِ الغصون بواكِ

وَلولا هواكِ العذب ما لذّ ذكرهُ

لِقلبي ولكن ذا لأجل هواكِ.

شمال وادي خلب بأقل من كيلومتر يقع وادي ذهبان، وبعده بحوالي ٣ كيلو يأتي وادي دهوان المندفع من خلف جبال الفدنا غرباً حتى يلتقي بوادي خلب غرب المحافظة. 

وفي أقصى شمال المحافظة وبالتحديد شمال قرية الخشل يقع "وادي الدحن" الذي يمتاز بطبيعته الخلابة وأشجاره الكثيفة وبه متنزّه الأمير محمد بن ناصر، في قلب الوادي، الذي تحتضنه الأشجار ذات الظلال الوارفة والمروج الخضراء.

وبالمناسبة فوادي الدحن، هو وادي سيال!!.

فهو يسمّى الدحن من منبعه إلى أن يجتاز المقلوع غرب الخشل، ثم يسمونه سيال، وهو كما أسلفت يلتقي مع وادي دهوان، ثم يلتقيان معاً بوادي خلب.

ووادي الدحن من أخصب أودية المحافظة وأكثرها خضرة وأغزرها جرياناً، وهو أقرب مايكون لوصف المجنون، حين قال:

أَلا لا أَرى وادي المِياهِ يُثيبُ

وَلا النَفسُ عَن وادي المِياهِ تَطيبُ

أُحِبُّ هُبوطَ الوادِيَينِ وَإِنَّني

لَمُشتَهِرٌ بِالوادِيَينِ غَريبُ

سَقى اللَهُ أَرضاً أَهلُ لَيلى تَحُلُّها

وَجادَ عَلَيها الغَيثُ وَهوَ سَكوبُ

لِيَخضَرَّ مَرعاها وَيُخصِبَ أَهلَها

وَيَنمي بِها ذاكَ المَحَلِّ خَصيبُ.