✍🏼محمد الرياني
ما أروعَ الأوقات التي تسبق الشروق ! لم أنظر إلى الساعة على معصمي ؛ استدارةُ الوقتِ تشبهُ استدارةَ الساعة وإن بدتْ دون عقارب ، افتتحتُ الصباح بالمشي حول مضمار الحديقة ، بدأتُ المشي لأستعيد أمجاد الركض واللعب ، مابين ألفٍ إلى ألفين من الأمتار هي المسافة التي قطعتُها كي أصل إلى مضمار الحديقة ، لم يحن موعد وصول الشمس إلى الأرض ؛ الصباحُ في غاية الجمال ؛ المشيُ يعلمنا أشياء ، تظهرُ حدة البصر ، ملاحظةُ حركة البشر ، المطاعمُ على جانبي الطريق والتزاحم على أقراص الخبز والشطائر ، بعض الكلاب والقطط استيقظتْ معنا لتشاركنا فرحةَ يومٍ جديد وتستقبل معنا الشمس والحياة الصاخبة ، كلبٌ يلهث ، يدنو مني ببراءة وكأنه يتجه معي نحو المضمار ؛ لكنه اكتفى بالاتجاه نحو نباح أقرانه في ساحة مجاورة ، وصلتُ المضمار دون الشعور بالتعب ، يبدو أنني سأعمل بنصيحة: أن العمر رقمٌ كما يقولون على الرغم من أن العمر قد طاف بي كثيرًا حول المضمار ، جلستُ على مقعد خرساني والناس من حولي يطوفون ولاتزال الشمس مختبئة ، شعرتُ أنني أنا الذي أهرول حول الحديقة وليس هم ، منظرُ المهرولين في الصباح يذكرني بالشمس ، تطوف حول العالم ليهبُّوا نحو حياة جديدة ، تبدو السعادة ملتصقة بأقدام السائرين والسائرات في الصباح ، لم أفعل مثلهم وأطوف كما تطوف الشمس التي بدتْ تطلُّ برأسها نحو الأرض ومن عليها ، اكتفيتُ بما مشيتُ واستسلمتُ للراحة والاستمتاع ، كلُّ شيء حول الحديقة رائع ، أحاديث الطائفين وهمساتهم فرادى وجماعات ، اشتدَّ حضور الشمس وكأنها تدعوني إلى المغادرة ، بدأتِ الظلال في بسطِ فُرُشها لمن يريد أن يستمتع بالصباح ، رحلَ مابقي من الليل ، لوَّحتِ الشمسُ لبقايا الليل ، لوحتُّ لِمَن هم في الحديقة ، مسحتُ بيدي على قدميَّ كي تزداد سعادتي ، يبدو أن المشيَ في الصباح يحفزني كي أزداد حبًّا للصباح ، كي أحتضنه قبل حضور الظلال وبعد امتدادها ، في الصباح هناك مَن ينثرُ لك الكلامَ أشبهَ بجدائلِ الفلِّ كي يكون الصباحُ أكثرَ روعة .
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات