منوعات

أجواءٌ عامرة.. وقريةٌ آمنة:

أجواءٌ عامرة.. وقريةٌ آمنة:

في زمنٍ تتسارع فيه الرياحُ العاتية وتشظى فيه الأمانِ من سماءٍ كانت يومًا مرآةً للطمأنينة، تتصدر المملكة العربية السعودية مشهد الاستقرار والسيادة الجوية، وتُثبت للعالم أن العاصفة مهما اشتدت، هناك من يستطيع إدارة وترويض آثارها.

من يتأمل خريطة الشرق الأوسط اليوم، يرى برميل البارود وقد انفجر، وقمقم الفوضى وقد انفتح على مصراعيه، طائراتٌ تقصف، وصواريخٌ تهيم على وجهها لا تفرق بين نقطة “أ” أو “ب”، تبحث عن أقرب أرضٍ لتسقط فيها، غير آبهةٍ بأرواح المدنيين أو حرمة الأماكن، فوضى عمياء تنذر بالخطر، وتُصوِّر للمُتسرع أن المنطقة كلها باتت في مرمى الخطر.

لكن، وسط هذه العتمة، هناك ضوء يُبصره من ينظر بعين الأمل لا بعين اليأس، هناك فسحةٌ في السماء، تُحلِّق فيها الطائرات مطمئنةً، وتحمل ملايين الأرواح بأمانٍ فوق أرضٍ اختارت السلام منهجًا والأمن عقيدة، إنها سماء السعودية العامرة بقدرة الله أولًا، ثم بجهود رجالٍ حملوا على عاتقهم مسؤولية حماية الأجواء، فأجادوا وأخلصوا.

ان القوات الجوية والدفاع الجوي، وهيئة الطيران المدني، يشكلون منظومةً وطنيةً متكاملة، تسهر لتبقى أجواؤنا آمنةً، وتبقى المملكة ملاذًا جويًا موثوقًا في خضم هذا الزخم الدولي، وإن تحويل مسارات الطائرات الدولية إلى أجوائنا، بالتزامن مع رحلات الحج الموسمية التي تمثل ذروة الضغط الملاحي، هو امتحانٌ قاسٍ لا تجتازه إلا الدول التي بنت إنسانها قبل بنيتها، وكسبت الثقة قبل التصريحات.

كيف لا أشعر بالفخر، وأنا أرى مراقبينا الجويين السعوديين يتعاملون مع طائرات من دولٍ وثقافات متعددة، أنظمة شرقية وغربية، طائرات قديمة وحديثة، بعضها بلا تقنيات منع التصادم TCAS، وبعضها يُخطئ في المحافظة على الارتفاع الآمن ... ومع ذلك، لا يختل النسق، ولا يتعثر الممر، ولا يُعلّق المسافر.... بل تبقى الأجواء تحت السيطرة الكاملة، بتقنيةٍ رفيعة، وسواعد وطنية، وعينٍ لا تنام.

إن المراقب الجوي ليس مجرد موظف خلف الشاشات، بل هو عين الوطن التي لا تغفو، وضمير السلامة الذي لا يلين ولا يتساهل، في كل نداءٍ لاسلكي، وكل توجيهٍ لطائرة، يُثبت أن الإنسان السعودي حين يُعطى الثقة، يُعطي الوطن ما هو أكثر، بل يُعطي الأمان للعالم كله.

نحن لا نتحدث فقط عن حركة طيران، بل عن أمن دولة، وسيادة قرار، وريادة إقليمية تجعل من سماء المملكة فضاءً حيويًا موثوقًا في أخطر لحظات العالم، لقد راهنت القيادة الرشيدة على أبناء الوطن، وها نحن نراهم يكسبون الرهان، ويصنعون الفرق، بشهادة كل طيارين العالم ومراقبيه.

سماء عامرة، وأرض مطمئنة، وخبرات وطنية نذرت نفسها لخدمة الناس وصون الأرواح، هذا هو المشهد اليوم، وسط منطقة تغلي، وتقلبات لا تنتهي .... ومن كان طموحه السماء، لن تهزه عواصف الأرض. فطوبى لزرع نحصد به أمن العالم.

✍🏼علي بن عبدالله المالكي