
هل تسامح شخصًا أساء إليك دون وجه حق، ثم تتعامل معه وكأن شيئًا لم يحدث؟ أم أنك تسامحه فقط بحدود، دون أن تُلغي من قلبك أثر ما فعله؟
من وجهة نظري، عندما نغفر لشخص أساء إلينا لمجرّد أننا لم نكن على "الموجة" التي أرادها، فالأمر يعود لنا وحدنا. فإن سامحنا، قد يظن ذلك الشخص أن ما فعله بسيط فيكرره مرة أخرى. وإن لم نسامحه، قد يُقال عنا إننا قساة، لا نغفر ولا ننسى.
الحقيقة أن الموضوع لا يتعلق بالتسامح فقط، بل يتعلق بنوايا ذلك الشخص.
حين يطلب السماح، هل هو فعلاً معترف بخطئه ويشعر أن ضميره يلومه؟ أم أنه يعتذر لمجرد إسكات صوته الداخلي أو لإرضاء الآخرين لأنه أساء أمامهم؟
نحن بشر ولسنا حجارة. قلوبنا تتأثر، وقد تسامح وتغفر، لكنك لا تستطيع أن تمحو الأثر. فالإساءة تترك في القلب ندبة، لا يراها أحد، لكنها تبقى تذكّرك بها في كل مرة.
قد تكون بعض الزلات بسيطة، تصدر بلا قصد فنغفرها سريعًا. لكن هناك أخطاء متعمّدة، إساءات مقصودة، ثم تأتي الاعتذارات العلنية فقط كي لا يقال إننا لا نغفر. عندها يكون السؤال: هل نقدر أن نسامح وكأن شيئًا لم يحدث؟ الحقيقة أنّ ذلك صعب جدًا.
نعم، قد نسامح… لكننا لا ننسى. فالجرح، مهما التئم، يظل له أثر في الأعماق.
ربما تتذكر إساءة حصلت لك وأنت طفل صغير، وما زالت حتى اليوم تعيش في داخلك رغم مرور السنوات وتغيّر الأمكنة. هذه الأخطاء لا تختفي بسهولة، بل تبقى عالقة في جدار القلب، تذكّرك دائمًا بما حدث، وقد تغيّر فيك شيئًا دون أن تشعر.
لهذا، فإن مسألة التسامح ليست قرارًا بسيطًا. يمكن أن نقول: "سامحتك"، لكن أثر الندبة لا يزول. فهي تظل حاضرة في القلب، شاهدة على ما جرى.
✍🏼موسيه العسيري
(0) التعليقات
تسجيل الدخول
لا توجد تعليقات