المقالات

المواقف السعودية المشرفة، ونصرة القضية الفلسطينية

المواقف السعودية المشرفة، ونصرة القضية الفلسطينية

بقلم: فلاح بن علي الزهراني

مقدمة:

لقد دأبت المملكة العربية السعودية على الوقوف مع عدالة القضية الفلسطينية، وحقوقها المشروعة لاستعادة أراضيها، ودحر العدوان الصهيوني الغاشم، منذ اليوم الذي جثم فيه على صدر فلسطين الجريحة؛ استباحةً لأراضيها وتهجيراً لسكانها، وسفكًا لدماء أهلها، ومن ثم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل في 14 أيار/ مايو 1948، لتزرع كسرطان يهدد أمن المنطقة واستقرارها، مما جعل السعودية انطلاقاً من مكانتها الدينية والسياسية كمحور ارتكاز عربي وإسلامي تضحي بالغالي والنفيس من أجل دحر ذلك المحتل المستبد، دونما وجود مبرر مشروع لاستيطانه، سوى أن يوجد له موطأ قدم بعد شتات وتشرد في بقاعٍ شتى!

مواقف مشرفة:

ولقد واصلت المملكة العربية السعودية كفاحها المتواصل بدءا بالمشاركة الميدانية في الحرب الوجودية في عام 1948م ، والحرب الثانية 1973م، جنبا إلى جنب مع القوات العربية المشتركة .. إلى التحركات الدبلوماسية في المحافل الدولية، والمؤتمرات والمنصات المختلفة، ومجلس الأمن الدولي؛ للتنديد بالاحتلال وجرائمه البشعة، والتي تباينت بين توسيع الاستيطان وحرب الإبادة الجماعية، التي تعد انتهاكاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية بحق الأبرياء العزل- أطفالا وشيوخا، نساء ورجالا، كباراً وصغارا- لتؤكد المملكة العربية السعودية استنكارها المستمر، ورفضها القاطع لكل الجرائم الشنيعة التي تصنف جرائم حرب بامتياز.

لقد أثبتت المملكة العربية السعودية بمواقفها الثابتة والمشرفة أن فلسطين قضيتها الأولى، بصفتها رائدة وقائدة للعالم الإسلامي، وراعية لمصالحه، وداعمة لحقوقه، مؤكدة أنه لا مناص من قيام دولة فلسطينية حرة أبية مستقلة، تتمتع بكامل حقوقها المشروعة دولياً، على كامل أراضيها وعاصمتها القدس الشرقية، بصفتها قدسية إسلامية تالدة خالدة لا مساومة عليها، بل إنها ترفض رفضاً قاطعًا للتطبيع أو إقامة علاقات دونما استعادة الأرض العربية المغتصبة.

منعطف خطر:

لقد شكل هجوم السابع من أكتوبر تعرية لمزاعم طالما تغنت بالدفاع الوطني والنضال الشريف، ليتكشف عن حرب وكالة، بولاء غادر، وتآمر خائن، ارتدت وبالاً على الأبرياء، بل كانت بمثابة المكافأة للإسرائيلي جعل من تلك النزوة ذريعة للقتل والدمار!!

قرار تاريخي:

الأمر الذي حدا بالمملكة في مقابل ذلك الصلف الصهيوني المتمادي؛ لعقد المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين، وذلك بهدف إنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الأممية، والذي رعته المملكة العربية السعودية بشراكة فرنسية، ليكون انتصاراً لأولئك الجوعى والمغدور بهم، كما يترجم مشاطرة المملكة لمعاناتهم ووقوفها المخلص والمتفاني لنيل حقوقهم المشروعة، مما أثمر عن قرارات تاريخية حاسمة، لتؤكد عزيمة المملكة وحرصها الدائم على إنهاء الصراع وإيداع السلام في الشرق الأوسط والعالم أجمع، وهو إذ ذاك يحمل أبعاداً هامة وذات مردود إيجابي على المستويين الإقليمي والدولي، منها:

 • إنهاء الصراع، وحل الدولتين، وتوطيد الأمن، وإعادة الحقوق ورد الاعتبار لأصحابها، مما يخلق للفلسطينين أجواء من الاستقرار والرفاه بعيدا عن التهديدات والمخاوف المتعددة.

 • إنشاء لجنة إدارية انتقالية لإدارة غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية فور وقف النار، تمهد الطريق للقضاء على الانشقاقات والولاءات الخارجية والمصالح المبتذلة، وبالتالي توحيد الصف الفلسطيني تحت سلطة شرعية معترف بها دولياً.

 • القرار سيغلق الأبواب ويضيق الخناق على أولئك المتاجرين بالقضية الفلسطينية، مقابل صفقات سرية ومصالح متبادلة لتأجيج الصراعات، ونشر الفوضى وتقويض الأمن في دول الجوار.

 • حلّ الدولتين يعني إحلال السلام في المنطقة ككل، وبالتالي بناء علاقات دبلوماسية وحسن جوار، وتعايش سلمي، الأمر الذي يتنافى والذرائع الواهية لتشكيل الجماعات والأحزاب تحت شعارات طائفية مخادعة، ليس إلا لتكون سوطا على أوطانهم، تجر عليها الدمار والخراب.

 • حلّ الدولتين، وبالتالي المصالحة على المستوى الواسع سيخلق نوعاً من الهدوء والاستقرار، مما يتيح لدول المنطقة فرصةً للتفرغ للبناء والنماء والتعاون المثمر، بدلاً من حالة التناحر الناتجة عن الانقسامات العرقية أو الطائفية التي لا تجلب سوى التخلف والرجعية.

 فخر واعتزار:

لقد بذلت المملكة جهودا دبلوماسية مضاعفة وذكية، بشفافية ومصداقية تامة، ورؤى واضحة، مما جعل دول العالم تنظر للمملكة العربية السعودية بموثوقية تامة واحترام كبير، لتصطف خلفها؛ تأييداً وإقراراً، مما تمخض عن اعتماد الوثيقة الختامية لمؤتمر حل الدولتين والدعوة لتأييدها، والتي قوبلت بإشادات ووعودٍ واسعة بالاعتراف بدولة فلسطين، الأمر الذي يحطم آمال إسرائيل، بل يحجم من مشروعها في التوسع والتمدد أو مواصلة العدوان!

تهنئة:

تهانينا لقائد الأمة، ملكنا المفدى، سلمان بن عبدالعزيز، .. ولولي العهد رئيس مجلس الوزراء، العبقري التاريخي العظيم الأمير محمد بن سلمان .. ولسمو وزير الخارجية الدبلوماسي الذكي الطموح، الأمير فيصل بن فرحان .. ولوطننا، ولكل الشرفاء الذين يناصرون الحق ويقفون في صفه، وللشعب الفلسطيني الأبي، وللعالم أجمع بهذا المنجز العظيم، الذي يعد تحولاً في التاريخ الحديث نحو إقرار السلام، ونشر الوئام، والتعايش السلمي بين أتباع الأديان وجميع الأعراق!