منوعات

تضوَّع الجسدُ ربيعًا

تضوَّع الجسدُ ربيعًا

✍🏼محمد الرياني

نسكن الصيف ويسكننا هذه الأيام ، الشجر في محيطنا يقف من الحر امتثالًا لأن الهواء غاب عن المشهد ، ملابس الصيف تلتصق بالأجساد في معاهدة جديدة كتبت بماء مالح ، شعر بالضيق والحرج مع أن الآخرين يشبهونه تماما ، يكاد النهار يلتهم كل شيء بما في ذلك الظلال القليلة ، ينتظر اقتراب موعد الغداء لعل الماء البارد يطفئ الحرارة ، نزع ملابسه وترك الداخلية منها كي يصطاد بعض النسائم الهاربة من براثن الحر ، ارتفعت وتيرة الغضب ، نادى لإحضار الطعام ، جاء الطعام مثل حرِّ الصيف ، كمية البهارات والتوابل في الأرز عالية جدًّا ، يوجد مع السلطة الخضراء فلفل أخضر حار ، وهناك طبق صغير آخر به سائل أحمر قيل له إنه فلفل أحمر مسحوق ، وضع الملعقة في طبق الزبادي ، شعر بأن التماسًا ضرب لسانه من حرارة الزبادي ، اشتد طلبه للماء على غير عادته ، نظرات العيون نحوه تزيده غليانًا مع الحر ، بعض الأفواه تبتسم خلسة خشية أن يتحول الغداء إلى عراك ، لم يستمر طويلًا ونهض ليغسل يديه ، رمى نفسه رميًا على السرير كي يعترض أي نسمة هواء من الشباك المجاور ، فجأة انقلب الصيف ربيعًا ، تحرك الهواء والنافذة مفتوحة ، برد الجو تدريجيًّا ، السحب تغطي السماء ، نزل المطر وذابت حرارة الأرض ، لايزال الطعام على الأرض ، عاد ليكمل مابقي من الطعام ، قالت له صانعة الطعام : كنا نتوقع المطر ونحن نتابع الأخبار ، المؤشرات كانت تدلل على أن هذا اليوم سيكون رائعًا في ثنايا الصيف ، تركوه يستمتع بالجو وبطعم البهارات ، مد يديه من فتحات الشباك كي يغسلها المطر، نظر إلى الشجر وهو يتراقص من روعة الأجواء ، زالت رائحة الرشح وتضوع الجسد ربيعا ، مدَّ لسانه نحو الرذاذ كي تبرد من حرارة الفلفل المسحوق .