منوعات

حروفٌ من رماد

حروفٌ من رماد

✍🏼محمد الرياني

لاشيءَ ينافسُ الليل ، هذا شعورٌ زائدٌ عن حدِّه ، بل هذا استغراقٌ في السطوةِ وانتزاعِ الفرصةِ من يد الآخرين ، في الساعةِ الواحدةِ بعد منتصفَ الليلِ والغرفةُ تحاصرُ الأحلامَ بأضلاع حادةٍ متساوية ، توشك الغرفةُ أن تكون صديقًا مختلفًا ، يضمُّ بحرارةٍ كي تتركَ صاحبَها يتأوَّه مثلَ معتوهٍ في شارعِ المشردين ، يبدو أن الليلَ يريد أن يكشفَ حقيقةَ أمس ، يدور سؤالٌ وهو في حالِ الخشوع ! هل حظيَ أمسٌ باحترامٍ بالغ ؟ 

هل كان النصفُ الآخرِ لليوم مثاليًّا ويستحقُّ الاحترام؟

أمس الذي محاه الليلُ كان رائعًا بالفعل ، بقايا زخاتِ مطرٍ ماتزال تسكن حوافَّ النافذة ، آثارُ بللٍ بقيتْ على الستائرِ لتبرهنَ على روعةِ النهار ، بحيرةٌ صغيرةٌ تشكلتْ على الأرضِ تعكسُ النورَ القادمَ من قمرِ السماءِ والنورِ القريبِ حيث الأعمدةُ تصطفُّ قريبًا مثل راقصي الفنون المنتشين فرحًا بيوم استثنائي ، توجد على محيطِ القدمين تفاصيلُ يقرأها السكونُ قد كتبَها النهار ، تمشي الساعةُ منحدرةً نحوَ نهارٍ قادمٍ من أجلِ تمتماتٍ تصنعُ شعورَ الليلِ القادم ، تنفَّسَ الصعداءَ وسطَ انفراجٍ رهيب ، بقيَ وقتٌ قليلٌ ليضيفَ الندى على مطرِ أمس حكايةً أخرى ، لم ينتظر والشعورُ بزهوِ المنافسةِ يعلو أيَّ شعور ، ما أروعَ الليل ! مَن ينافسُ الليلَ وقتَ التحدي ؟

هنالك أهداب تميلُ إلى المغيب ، تريد أن ترى أحلامًا بعد أن تغيبَ العيونُ عن الوعي ، ما أجملَ الليل ! الفرحةُ على مشارفِ احتفالٍ قادمٍ يؤكدُ نزاهةَ المنافسة ، الليلُ ليلُه وقد ضربَ موعدًا لمساءٍ قادم؛ بينما الشباكُ مفتوحةٌ والستائرُ تلوِّحُ ببياضها على الرغمِ من أنَّ البللَ قد أثقلها ، أغمضَ عينيه ، وضعَ يديه على صدره ليستنشقَ الهواء ، شعورٌ بالسعادةِ لا يوصف ، أضلاعُ الغرفةِ الباردةِ تحاصرُه ؛ ترسلُ له رسائلَ مشفرةً بأن ينامَ بهدوءٍ ولا يلتفتَ لخربشاتٍ غيرِ مفهومةٍ كُتبتْ بقلمٍ باهتٍ جفَّ حبرُه منذُ زمن .