الثقافية

محيط الظلمة

محيط الظلمة

✍🏼محمد الرياني

تزين فراشه ثلاث وردات ذابلات ، كانت ألوانها رائعة منها اللون السكري ، يعشق اللون السكري لدرجة أنه لم ير بقية الألوان عندما اشترى الفراش ، انتابته حالة من النوم في وضح النهار ؛ بل في منتصف النهار والشمس تضرب بقوة كي يستيقظ بقية الغارقين في النوم ، الوردة الثانية كانت رائعة بحق ، عندما كان يذهب إلى السوق الشعبي يرى البائعات يهتفن بأصوات الغانيات بأن الفل الأبيض هو سيد غرفة النوم ، يجعل منها جنة في منتصف الليل ، تذكرَ أن الفل الأبيض لايُكتفى ببيعه في سوق الروائح الزكية ؛ لقد كانت تبيعه سيدة تسكن الحي في عقدها السابع ، يستغرب لماذا تعشق عجوز الفل وهي في هذا العمر ؟ عرف فيما بعد أن الورد الأبيض للشباب وأنها تريد أن يكون سعيدًا يشع وجهه بالبياض كما الفل ، غير أن الوردة الخضراء التي انضمت لأختيها على الفراش احتفظت ببعض جمالها ، صحيح أنه ذبل لونها لكن الاخضرار يعني أنه يعيش في جنة في محيط الظلمة ، يحرك الفراش بلطف كي يعيد للورد رونقه غير أن الليل يسدل ستاره ليتيح للنهار الظهور ، اكتشفَ في النهار أن ألوان ورد الفراش لم تتغير وأن الجنة التي أراد أن يسكنها في منتصف الليل لم تكن جنته ، عبثًا ينتظر ليلًا آخر كي يقطف منه سعادة أخرى ، يفرك كلتا عينيه كي يرى جيدًا وليستعيد الوهج ، كي يتأكد أنه يتوسد فراشًا به ثلاث وردات بألوان يعشقها كثيرا ، يغمض عينيه ويحلم ، لايعلم أي صباح ينتظره ، وهل سيرى وروده المفضلة كما هي ، أم سيظل يفرك عينيه حتى تذبل حدقتاها كما الورد ؟