المقالات

العام ٢٠٢٥م ..... عالم بلا إيران 

العام ٢٠٢٥م ..... عالم بلا إيران 

  ✍️ ملهي شراحيلي

شهد العام ٢٠٢٤م، أحداثاً جسيمة، كان أهمها رحيل إبراهيم رئيسي، ومقتل إسماعيل هنية، وبعده حسن نصر الله، والسنوار، والصف الأول من قادة حماس وحزب الله، وسقوط نظام بشار الأسد، وكان من الطبيعي أن ينتج عن تلك الأحداث تقهقر الدور الإيراني، واضمحلاله واختفائه من أهم الساحات التي صال فيها وجال خلال العقد الماضي، لاسيما في لبنان وسوريا وحتى العراق وفلسطين واليمن.

لكن العام ٢٠٢٥م، سوف يشهد ماهو أعظم من ذلك، ولا أبالغ إذا ما قلتُ أن هذا العام(٢٠٢٥) سوف يشهد إختفاء إيران عن الساحة الدولية وللأبد. 

وعندما أقول إيران فأنا لا أعني إيران كخريطة أو شعب، وإنما أعني النظام الإيراني الصفوي، أو بعبارة أخرى:

نظام ولاية الفقيه والتي تسمّي نفسها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية.

هذا النظام الذي حاول منذ اليوم الأول لوجوده في إيران، من تصدير الفوضى والخراب والدمار لشعوب المنطقة بل وللعالم، آن الأوان لرحيله ليس فقط عن العالم، بل وعن الشعب الإيراني الذي ضاق به ذرعاً، ولم يعد يتقبل وجوده، نظراً للمآسي التي عاشها، والمصائب التي جرها عليه، وكمية الفساد والطائفية التي طغت على كل شيء في إيران، على الرغم من احتياطيات إيران الضخمة من الغاز الطبيعي والنفط، إلا أن سنوات من نقص الاستثمار، وسوء الإدارة الاقتصادية، والفساد، والعقوبات تركت قطاع الطاقة غير مستعد لزيادات موسمية في إنتاج الطاقة.

 

لقد ضخت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أموالاً طائلة إلى وكلائها الإرهابيين، في حزب الله في لبنان وحماس في غزة، على مر السنين، وظلت الحكومة الإيرانية تحول ما يقرب من 700 مليون دولار إلى مليار دولار سنوياً إلى حزب الله، بينما تحصل حماس على 100 مليون دولار سنوياً.

ناهيك عن النفقات العسكرية على الفصائل المسلحة العراقية ومليشيا الحـوثي الإرهابية في اليمن.

 

هذه التكاليف المادية غير المبررة بالإضافة إلى نقص الاستثمار، لاسيما في مشاريع الطاقة، والعقوبات الغربية على الجمهورية الإيرانية، أدت إلى نقص شديد في مصادر الدخل لإيران، وبالتالي تضرر المواطن الإيراني، لاسيما وأن هذا النقص في الغاز داخل إيران له أهمية كبيرة ويكشف عن نقاط الضعف المتزايدة للنظام على جبهات متعددة.

 فمن هزائم حزب الله وحماس في صراعاتهما مع إسرائيل، إلى خسائر الحوثيين في اليمن وانهيار النظام السوري تحت قيادة الأسد، نرى تآكلًا مستمراً لنفوذ النظام داخل إيران، أضف إلى ذلك هبوط قيمة الريال وسوء إدارة الموارد على الرغم من تخفيف العقوبات والمليارات التي تم تسليمها من خلال صفقات غير متوازنة تحت إشراف بايدن - فليس من المستغرب أن يتعرض النظام لضغوط هائلة، سوف تؤدي حتماً لسقوطه.

 

 

ومع عودة الرئيس ترامب، إلى البيت الأبيض، وتبنيه موقف قيادي يؤكد على ممارسة أقصى قدر من الضغط على النظام الإيراني، فإن الشعب الإيراني قد يجد نفسه في بيئة ناضجة للمطالبة بتغيير النظام.

وإذا ما أمعنا النظر إلى الداخل الإيراني، فإن انقطاعات التيار الكهربائي على نطاق واسع ونقص الغاز الحاد في المنازل، وتدني دخل الأسرة الإيرانية، فإن هذه العوامل وحدها كفيلة بأن تصيب حكام إيران بالصدمة، وتشغل القلق الحاد بشأن الاضطرابات الاجتماعية والسياسية أذهان الحكام الذين يسيطرون على إيران، وهم سريعون في فرض العنف على المعارضة الجماعية. 

 

لقد هزت الاحتجاجات الوطنية ضد أسعار الوقود والقمع العنيف للنساء لعدم ارتداء الحجاب الإلزامي بشكل صحيح نظام طهران في عامي 2019 و 2022، وإن كانت الاحتجاجات هناك لاتزال مستعرة، إلا أن ماينتظر إيران خلال العام ٢٠٢٥م، من احتجاجات واضطرابات أكثر بكثير مما مضى، ولن تتوقف إلا باقتلاع النظام الإيراني من جذوره.

 

لقد شكلت العقوبات الأمريكية التي فرضها ترامب، في فترة رئاسته الأولى ضغطاً اقتصادياً هائلاً على إيران، رغم مساعدة روسيا والصين ومحاولتهم تخفيف آثارها، إلا أن استئناف الرئيس المنتخب دونالد ترامب، حملته لممارسة أقصى الضغوط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خلال الفترة القادمة، إلى جانب النقص المزمن في الغاز في البلاد، قد يشكل الضربة المزدوجة التي من شأنها أن تطيح بأسوأ دولة راعية للإرهاب في العالم، ومع سقوط نظام ولاية الفقيه في طهران، وربما قبل ذلك، سوف تتهاوى بغداد وصنعاء، ويتنفس العالم الصعداء، مع خروج آخر متمرد حوثي من اليمن، والقبض على آخر معمم في العراق من الفصائل الإيرانية هناك.

 

ويبقى الحدث الأهم الذي ننتظره بفاغرغ الصبر خلال العالم ٢٠٢٥م، هو سقوط النظام الإيراني وللأبد، وهذا طبعاً ليس توقعاً ولا أملاً وإنما قراءة تحليلية لمجريات الأحداث على الساحة الدولية، وكما قال الشاعر:

‏ولا ندري عن الأقدارِ شيئًا

وفي الأقدارِ منفعةٌ و ضُرُّ

فقد يأتي من المكروهِ خيرٌ

كما يأتي من المحبوبِ شَرُّ.

MelhiSharahili@gmail.com